للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والدليل على أنه صادف حقهما أن الدعوى حق المدعي والإنكار حق المدعى عليه فقد صادف التوكيل من المدعي والمدعى عليه حق نفسيهما فلايقف على رضا خصمه كما لو كان خاصمه بنفسه (١) .

ونوقش: بعدم التسليم أنه تصرف في خالص حقه، ذلك أن الجواب مستحق على الخصم، ولهذا يستحضره في مجلس القاضي والمستحق للغير لايكون خالصاً له.

ولو سلم خلوصه له لكن تصرف الإنسان في خالص حقه إنَّما يصح إذا لم يتضرر به غيره، وههنا ليس كذلك؛ لأن الناس يتفاوتون في الخصومة فعلى القول بلزوم الوكالة من غير رضاه يتضرر بالتوكيل فتوقف على رضاه (٢) .

٤ - أن الخصومة حق تجوز النيابة فيه فكان لصاحبه الاستنابة بغير رضا خصمه كحال غيبته ومرضه، وكدفع المال الذي عليه (٣) .

تنبيه:

فقهاء المالكية لم يعتبروا رضا الخصم إذا وكل في ابتداء الدعوى، أمَّا إذا خاصم الرجل عن نفسه، وقعد مع خصمه ثلاثة مجالس اتفاقاً أو اثنين على المشهور فليس له بعد ذلك أن يوكل إلاَّ برضا خصمه إلاَّ أن يكون له عذر من مرض أو سفر ويُعْرَفُ ذلك، ولايمنع من السفر إذا أراده لكن يحلف أنه لم يسافر من أجل أن يوكل، قاله ابن العطار (٤) ، وقال ابن الفخار (٥) : لايحلف.


(١) بدائع الصنائع ٦/٢٢، وتكملة فتح القدير ٨/١١، والعزيز شرح الوجيز ٥/٢٠٩.
(٢) تكملة فتح القدير ٨/١١ وما بعدها.
(٣) المغني ٧/١٩٩.
(٤) هو: أبو عبد الله، محمد بن أحمد، المعروف بابن العطار، الأندلسي، فقيه مالكي، توفي في ذي الحجة عام ٣٩٩ هـ، وكانت ولادته سنة ٣٣٠ هـ. انظر: شجرة النور ١٠١.
(٥) هو: أبو عبد الله، محمد بن إبراهيم بن خلف، الأنصاري، المالقي، يعرف بابن الفخار العالم النظار الفقيه المالكي، توفي سنة ٥٩٠ هـ. انظر: شجرة النور ١٥٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>