للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فهذا يجوز له التوكيل فيه؛ لأنه إذا كان مِمَّا لايعمله الوكيل عادة انصرف الإذن إلى ما جرت به العادة من الاستنابة فيه (١) .

القسم الثاني: أن يكون مِمَّا يعمله بنفسه إلاَّ أنه يعجز عن عمله كله لكثرته وانتشاره فيجوز له التوكيل في عمله أيضاً؛ لأن الوكالة اقتضت جواز التوكيل فجاز التوكيل في فعل جميعه كما لو أذن في التوكيل بلفظه.

وقال القاضي: عندي أنه إنَّما له التوكيل فيما زاد على ما يتمكن من عمله بنفسه؛ لأن التوكيل إنَّما جاز للحاجة، فاختص ما دعت إليه الحاجة، بخلاف وجود إذنه فإنه مطلق (٢) .

وللشافعية في هذا ثلاث طرق:

أصحها: أنه يوكل فيما يزيد على القدر الذي يُمكنه توليه أمَّا في القدر الذي يُمكنه عمله ففيه وجهان:

أصحهما: أنه لايوكل في القدر المقدور عليه؛ لأن لا ضرورة إليه.

وهذا كقول القاضي من الحنابلة.

والثاني: أنه يوكل فيه أيضاً؛ لأنه ملك التوكيل في البعض فيوكل في الكل كما لو أذن صريحاً (٣) ، وهذا موافق للقول الأول عند الحنابلة.

القسم الثالث: ما عدا هذين القسمين: وهو ما يُمكنه عمله بنفسه، ولايترفع عنه، فهذا اختلف في جواز التوكيل فيه على قولين:

الأول: لايجوز التوكيل فيه، وهو قول الحنفية (٤) والشافعية (٥) ، ورواية عن الإمام أحمد ورجحه ابن قدامة (٦) .

واستدلوا بما يلي:

١ - أن الموكِّل لم يأذن للوكيل في التوكيل، ولاتضمنه إذنه فلم يجز كما لو نهاه.

٢ - ولأنه استئمان فيما يُمكنه النهوض فيه فلم يكن له أن يوليه من لم يأمنه عليه كالوديعة ليس له أن يودعها مع قدرته على حفظها (٧) .


(١) المرجع السابق، والعزيز شرح الوجيز ٥/٢٣٥ وما بعدها.
(٢) المغني ٧/٢٠٨.
(٣) العزيز ٥/٢٣٥ وما بعدها.
(٤) اللباب ٢/١٤٤، والفتاوى الهندية ٣/٥٦٦، وفتاوى قاضيخان مع الفتاوى الهندية ٣/١١.
(٥) العزيز ٥/٢٣٥ وما بعدها.
(٦) المغني ٧/٢٠٩.
(٧) المغني ٧/٢٠٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>