للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القول الثاني: يكره الجعل في الخصومة على أنه إن فلج فله كذا وإلاَّ فلا شيء له، وهو قول لمالك - رَحِمَهُ اللهُ -، ففي تبصرة الحكام نقلاً عن التهذيب قوله: (وكره مالك الجعل على الخصومة على أنه لايأخذ إلاَّ بإدراك الحق) .

قال ابن القاسم: فإن عمل ذلك فله أجرة مثله.

وروي عنه أنه أجاز ذلك كما مر في القول الأول وإنَّما كره - رَحِمَهُ اللهُ - ذلك؛ لأنها على الشرط والمجادلة، ولأنها قد تطول، ولايتنجز منها غرض الجاعل فيذهب عمله مجاناً.

ونقل في التبصرة أيضاً عن الطرر قال الشعباني: لا خير في الوكالة على الخصومة إذا كانت بالأجرة حتى تنقطع؛ لأنها قد تطول وتقصر.

قال: ولو توكل على أن يحضر معه مجلس السلطان في كل يوم كذا يناظر عنه، كان جائزاً وإن لم يعلم قدر مقامه من الساعات.

وقال غيره معللاً لذلك: لأن ذلك خفيف متقارب الأجر.

قال: ولو حضر معه اليوم فلم يجلس من يخاصم إليه فانتظره إلى آخر مجلسه وجب له حقه وإن انصرف في أول ما حضر بطل ذلك، ولم يكن عليه حضور يوم آخر؛ لأن اليوم الذي كان أجره فيه قد ذهب (١) .

وقال في الكافي: (لا يجوز أن يستأجر خصماً على أنه إن أدرك حقه كان له ما جعل له وإن لم يدركه فلا شيء له عليه بل يجعل له جعلاً معلوماً على كل حال، وإلاَّ فيكون له أجرة مثله) (٢) .

فتلخص من هذه النقول أن لمالك - رَحِمَهُ اللهُ - قولان:

أحدهما: الجواز كما مرّ في القول الأول.


(١) المرجع السابق، والكافي لابن عبد البر ٣٩٤.
(٢) الكافي لابن عبد البر ٣٩٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>