للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والثاني: الكراهة، أي كراهة الجعالة على أنه إن أصاب الحق أخذ وإلاَّ فلا، وجوازها بدون هذا القيد، ولعل المراد هنا عدم الصحة؛ لأنه قال له أجرة مثله، وهذا يعني فساد الجعالة، لاسيما وأن لفظ الكراهة عند الإمام مالك - رَحِمَهُ اللهُ - يراد به الحرمة أو التحريم (١) .

وعلى القول الأول لابد من العلم بالعوض بالاتفاق (٢) ، واشترط الحنابلة تحديد الوقت (٣) فإن فسدت صح التصرف لوجود الإذن وللوكيل أجرة مثله (٤) .

والراجح في نظري أن العوض في الوكالة جائز سواء كان على سبيل الإجارة أو على سبيل الجعالة إذا كان عوضاً مباحاً وعملاً مباحاً معلوماً وليس لمن منعه حجة إلاَّ من جهة أن العمل قد يطول، وقد لايحصل من ذلك غرض الجاعل، وهذا لايمنع من صحة الجعالة؛ لأنها مشروعة للحاجة على العمل الذي لاتصح فيه الإجارة لكون العمل لايتقدر بزمن معين، فهي أوسع باباً من الإجارة، والله أعلم.

الفصل الخامس: صفة عقد الوكالة وأسباب الفسخ

وفيه مبحثان:

المبحث الأول: الوكالة بين اللزوم والجواز

وفيه مطلبان:

المطلب الأول: صفة الوكالة الخالية عن العوض

الوكالة بالخصومة - كما مرّ - إمَّا أن تكون بعوض أو بغير عوض، فإن كانت بغير عوض فقد اختلف الفقهاء - رَحِمَهُمُ اللهُ - هل هي عقد لازم لايُمكن فسخه أو أنها من العقود الجائزة التي يحق لكل من العاقدين فسخه؟ ، وفيما يلي تفصيل الأقوال في هذه المسألة:

القول الأول: للحنفية يرون أن الوكالة من العقود الجائزة من الطرفين فيحق لكل منهما فسخه وهذا هو الأصل فيها، لكن يعرض لها اللزوم في صور منها:


(١) انظر: مناهج التشريع الإسلامي في القرن الثاني الهجري د. محمد بلتاجي ٢/١١٨.
(٢) الكافي لابن عبد البر ٣٩٤، والتاج والإكليل ٧/٢١٤، والحاوي ٦/٥٢٩، والفروع ٤/٣٧٢.
(٣) الفروع ٤/٣٧٢، والإنصاف مع المقنع والشرح ١٣/٥٥٧.
(٤) المراجع السابقة.

<<  <  ج: ص:  >  >>