للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنه لو وكل رجلاً بالخصومة ثم عزله حال غيبة الخصم، فهذا على وجهين:

أحدهما: إن كان وكيل الطالب - أي المدعي - فيصح عزله وإن كان المطلوب - المدعى عليه - غائباً.

ووجهه: أن الطالب بالعزل يُبْطِلُ حق نفسه؛ ذلك أن خصومة الوكيل حق الطالب، وإبطال الإنسان حق نفسه صحيح من غير أن يتوقف على حضور غيره.

والثاني: أن يكون وكيل المطلوب - المدعى عليه - فهذا على وجهين:

الأول: أن يكون التوكيل من غير التماس أحد - سواء المدعي أو القاضي - ففي هذا الوجه يصح العزل وإن كان الطالب غائباً.

والثاني: أن يكون التوكيل بالتماس الخصم أو القاضي، وفي هذا الوجه إن كان الوكيل غائباً وقت التوكيل ولم يعلم بالتوكيل صح عزله على كل حال.

وذلك: لأن الوكالة غير نافذة؛ لأنه لا نفاذ لها قبل علم الوكيل فكان العزل رجوعاً وامتناعاً فيصح، وهذا على الرواية التي تشترط علم الوكيل بصيرورته وكيلاً.

وإن كان الوكيل حاضراً وقت التوكيل، أو كان غائباً لكن علم بالوكالة ولم يردها فإن كانت الوكالة بالتماس الطالب - المدعي - فلايصح عزل الوكيل في حال غيبة الطالب، ويصح في حال حضوره رضي بذلك الطالب أو لم يرض.

وذلك: لأنه بالتوكيل ثبت نوع حق للطالب قِبَل الوكيل، وهو حق أن يحضره مجلس الحكم فيخاصمه، ويثبت حقه عليه، وبالعزل حال غيبة الطالب لو صح بطل هذا الحق أصلاً؛ لأنه لا يُمكنه الخصومة مع الوكيل، والمطلوب رُبَّمَا يغيب قبل أن يحضر الطالب فلا يُمكنه الخصومة معه أيضاً فيبطل حقه أصلاً.

وأمَّا إذا كان الطالب حاضراً فحقه لا يبطل أصلاً؛ لأنه إن كان لا يُمكنه الخصومة مع الوكيل يُمكنه مع المطلوب، ويُمكنه أن يطلب من المطلوب أن ينصب وكيلاً آخر (١) .


(١) تكملة فتح القدير ٨/١٤٣ وما بعدها، وتكملة حاشية رد المحتار ١١/٥١٩، وبدائع الصنائع ٦/٣٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>