للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القول الثاني: إن قاعد الوكيلُ الخصم عند الحاكم ثلاثة مجالس ولو كانت في يوم واحد، فالوكالة لازمة مطلقاً، فليس للموكّل عزله ولا للوكيل عزل نفسه إلاَّ من عذر، وهذا قول المالكية، والمرتين كالثلاث ذكره ابن رشد وقال: هذا هو المشهور من المذهب (١) .

قال في مواهب الجليل: ( ... ليس للموكل عزل وكيله بعد مناشبته للخصام ومقاعدة خصمه ثلاثاً، ومفهوم ذلك أن له عزله قبل ذلك وهو كذلك إذا أعلن بعزله وأشهد عليه ولم يكن منه تفريط في تأخير إعلام الوكيل بذلك، وأمَّا إن عزله سراً فلايجوز عزله ويلزمه ما فعله الوكيل وما أقر به عليه إن كان جعل له الإقرار ... ) (٢) .

فشرط جواز عزله قبل الثلاث أو الثنتين على ما قاله ابن رشد أن لايكون عزله سراً؛ إذ لو عزله سراً لم يصح عزله.

ووجهه:

١ - أنه يجب رفع العدوان فوراً فإن أحد المتخاصمين ظالم، والمنكرُ والفسادُ تجب إزالته على الفور (٣) .

٢ - أنه لو جاز عزل الوكيل بعد أن ناشب خصمه في الخصام وقاعده فيه، أو قبل ذلك سراً لم يشأ أحد أن يوكل وكيلاً عن المخاصمة عنه ويشهد في السر على عزله إلاَّ فعل ذلك فإن قضي له سكت وإن قضي عليه قال كنت قد عزلته (٤) .

٣ - أنه بعد المقاعدة ثلاثاً أو اثنتين قد تعلق حق الخصم بخصومته (٥) .

٤ - أن في العزل سراً من الخدعة والقصد إلى الغش فلا يلتفت إليه ولايعلم به (٦) .

وأمَّا العذر الذي يفسخ لأجله فكالمرض الظاهر، والسفر لكن يحلف في السفر أنه ما سافر ليوكل وعليه أن يحلف في المرض الخفي فإن نكل لم يجز له العزل.


(١) المقدمات لابن رشد ٣/٥٩، ومواهب الجليل ٧/١٦٩ وما بعدها، والتاج والإكليل معه ٧/١٦٩.
(٢) مواهب الجليل ٧/١٦٩.
(٣) الذخيرة ٨/١٥.
(٤) مواهب الجليل ٧/١٦٩.
(٥) البهجة ١/٣٣٩.
(٦) مواهب الجليل ٧/١٦٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>