للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي المغني لابن قدامة قوله: (وجملته أن الوكالة عقد جائز من الطرفين، فللموكل عزل وكيله متى شاء وللوكيل عزل نفسه) (١) .

واستدل أصحاب هذا القول بما يلي:

١ - أن عقد الوكالة إمَّا أن يكون من العقود اللازمة فلايجوز لأحدهما أن يفسخ إلاَّ برضا صاحبه كالبيع أو يكون من العقود الجائزة فيجوز أن ينفرد بفسخه كالجعالة، فلما لم يكن الرضا فيه معتبراً كان التفرد بفسخه جائزاً (٢) .

٢ - أن الوكالة إذن في التصرف فكان لكل منهما إبطاله كما لو أذن في أكل طعامه (٣) .

٣ - أن كل من لم يكن رضاه معتبراً في دفع العقد لم يكن حضوره معتبراً في رفعه كالمطلقة طرداً وكالإقالة عكساً، وكان كل من صح منه فسخ الوكالة بحضور صاحبه صح منه أن ينفرد بفسخها كالموكل (٤) .

ذكر هذا الماوردي - رَحِمَهُ اللهُ - ويشير بهذا إلى الرد على الأحناف الذين لايجيزون الفسخ في حالة حصول التوكيل بالتماس الطالب حيث كان الوكيل حاضراً وقت التوكيل، أو كان غائباً لكنه علم بالوكالة ولم يردها، إلاَّ إذا كان المدعي حاضراً (٥) .

٤ - أنه عقد وكالة يصح من الموكّل أن ينفرد بفسخه فصح من الوكيل أن ينفرد بفسخه كالوكالة التي لم يشرع الوكيل في المخاصمة فيها (٦) .

والقول الرابع هو الراجح في نظري؛ لأن الوكالة بالخصومة نوع من أنواع الوكالات، والوكيل فيها متبرع بالعمل فكانت جائزة كغيرها.

ثم هل يشترط للفسخ حيث جاز الفسخ لكونها جائزة غير لازمة علم الموكل أو الوكيل؟ لايخلو الفسخ إمَّا أن يكون من الموكّل أو من الوكيل.

فإن كان الفسخ من الوكيل حصل الفسخ بمجرد قوله فسخت الوكالة أو خرجت منها ولايشترط علم الموكّل ولاتشترط الشهادة على الفسخ (٧) .


(١) المغني ٧/٢٣٤.
(٢) الحاوي للماوردي ٦/٥١٢.
(٣) المغني ٧/٢٣٤.
(٤) الحاوي ٦/٥١٢.
(٥) انظر: ما سبق ص ٩٤.
(٦) الحاوي ٦/٥١٢.
(٧) الحاوي ٦/٥١٢، وكشاف القناع ٣/٤٧٢، والذخيرة للقرافي ٨/٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>