للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعند المالكية قول مرجوح أنه ليس له أن يعزل نفسه في غيبة الموكل (١) .

أمَّا إن كان الفسخ من جهة الموكل فقد اختلف الفقهاء - رَحِمَهمُ اللهُ - في اشتراط علم الوكيل على قولين:

الأول: لايشترط علم الوكيل بالفسخ، وهو رواية عن مالك (٢) وقول للشافعي (٣) ، ورواية عن أحمد (٤) .

واستدلوا بما يلي:

١ - القياس على الطلاق والعتاق بجامع أن كلاً رفع عقد لايفتقر إلى رضى صاحبه فلايفتقر إلى علمه (٥) .

٢ - أنه لما لم يكن علم الموكل معتبراً في فسخ الوكالة لم يكن علم الوكيل معتبراً في فسخها (٦) .

الثاني: أنّ علم الوكيل شرط لعزله، وهذا قول آخر للشافعي (٧) ، ورواية عن الإمام أحمد (٨) ، نص عليه في رواية جعفر بن محمد، وهو قول الإمام أبي حنيفة (٩) ، ورواية عن مالك (١٠) .

واستدلوا بما يلي:

١ - أنه لما كان علم الوكيل معتبراً في عقد الوكالة كان معتبراً في الفسخ.

٢ - ولأنه لو انعزل قبل علمه كان فيه ضرر؛ لأنه قد يتصرف تصرفات فتقع باطلة.

٣ - ولأنه يتصرف بأمر الموكل ولايثبت حكم الرجوع في حق المأمور قبل علمه (١١) .

والراجح في نظري هو القول الثاني؛ وذلك لأن القياس على الطلاق والعتاق قياس مع الفارق، ذلك أن العتاق مبني على التغليب والسراية، والشارع يتشوّف إليه ويحث عليه، فلم يكن علم العبد فيه معتبراً، والطلاق حق للرجل فلم يعتبر فيه علم المرأة، ولايؤدي إلى ضياع شيء من حقوقها.


(١) الذخيرة ٨/٩.
(٢) المرجع السابق.
(٣) الحاوي ٦/٥١٢.
(٤) المغني لابن قدامة ٧/٢٣٤.
(٥) المرجع السابق، والحاوي ٦/٥١٢ وما بعدها.
(٦) الحاوي ٦/٥١٢.
(٧) المرجع السابق.
(٨) المغني ٧/٢٣٤.
(٩) بدائع الصنائع ٦/٣٧.
(١٠) الذخيرة ٨/٩، ومواهب الجليل ٧/١٦٩.
(١١) الحاوي ٦/٥١٢، والمغني ٧/٢٣٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>