للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أمَّا الوكالة ففيها حق للموكل، وفيها حق للوكيل، ويتعلق بها حقوق للغير، ولما لم يكن على الموكِّل ضرر في فسخ الوكيل لم يكن علمه معتبراً للفسخ بخلاف علم الوكيل؛ لأنه يتصرف تصرفات مع الغير، وفسخ الوكالة بدون علمه يعود على تلك التصرفات بالإبطال، وذلك ضرر به لذا كان اشتراط علم الوكيل هو الصواب إن شاء الله. والله أعلم.

المطلب الثاني: صفة الوكالة المشتملة على عوض

وفيه فرعان:

الفرع الأول: صفة الوكالة التي عقدت على سبيل الإجارة:

الوكالة التي بعوض إمَّا أن تكون على سبيل الإجارة أو على سبيل الجعالة فإذا كانت كذلك فهل تكون لازمة أو لا؟ .

أمَّا إن كانت بأجرة فمذهب الحنفية والمشهور عند المالكية أنها لازمة لأنها إجارة (١) .

وذهب الشافعية إلى أنها إن شرط فيها جعل معلوم واجتمعت شرائط الإجارة وعقد بلفظ الإجارة فهي لازمة، وإن عقد بلفظ الوكالة أمكن تخريجه على أن الاعتبار بصيغ العقود أم بمعانيها (٢) .

احتمالان ذكرهما الروياني وجهين وصحح منهما الأول على القاعدة الغالبة في ذلك، قال الشيخ الشربيني: وهو المعتمد كما جزم به الجويني في مختصره؛ لأن الإجارة لاتنعقد بلفظ الوكالة (٣) .

ولم أجد للحنابلة نصاً في هذه المسألة.

ومن خلال ما تقدم يلاحظ أن المالكية يرون أن الوكالة التي عقدت بأجر لازمة لأنها إجارة والإجارة لازمة لاتنفسخ إلاَّ بما تنفسخ به العقود اللازمة.

ويوافقهم الشافعية فيما إذا عقدت بلفظ الإجارة وكان العوض معلوماً واجتمعت فيها شروط الإجارة.

أمَّا التي عقدت بلفظ الوكالة فعلى وجهين المعتمد في المذهب أنها وكالة لاتكون لازمة بناء على أن العبرة بالصيغة لا بالمعنى.


(١) الذخيرة ٨/٦، وغمز عيون البصائر ٣/١٣، والتاج والإكليل ٧/٢١٤، ومواهب الجليل ٧/١٧١.
(٢) روضة الطالبين ٤/٣٣٢، والعزيز شرح الوجيز ٥/٢٥٦.
(٣) مغني المحتاج ٢/٢٣٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>