للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والراجح في نظري أنها لازمة سواء عقدت بلفظ الإجارة أم بلفظ الوكالة إذ العبرة بالمعنى على الصحيح من أقوال أهل العلم، وهذه في المعنى إجارة، والله أعلم.

الفرع الثاني: صفة الوكالة التي عقدت على سبيل الجعالة:

إذا عقدت الوكالة على سبيل الجعالة فهل تكون لازمة أو جائزة؟ .

لقد اختلف الفقهاء - رَحِمَهُمُ اللهُ - في لزوم الجعالة هنا وجوازها على ثلاثة أقوال:

القول الأول: أنها لازمة من الطرفين، وهو قول عند المالكية ذكره القرافي في الذخيرة ولم يذكر وجهه.

القول الثاني: أنها جائزة من الطرفين، وهو قول آخر للمالكية (١) ، وقول للشافعية مبني على أن العبرة بصيغ العقود، قال في المنهاج وشرحه نهاية المحتاج للرملي الوكالة ولو بجعل بناء على أن العبرة بصيغ العقود هنا كما رجحه الروياني وجزم به الجويني في مختصره ما لم تكن بلفظ الإجارة بشروطها ... جائزة أي غير لازمة من الجانبين) (٢) .

وهذا ظاهر كلام الحنابلة؛ لأنهم ذكروا أن الوكالة من العقود الجائزة من الطرفين ولم يفرقوا بين أن تكون بجعل أو بغير جعل (٣) ، وأيضاً فالعبرة عند الحنابلة في العقود بالمعنى لا باللفظ (٤) وهي في المعنى جعالة، والجعالة جائزة من الطرفين (٥) .

ووجهه: أن الموكل قد تظهر له المصلحة في ترك ما وكل فيه أو توكيل آخر؛ ولأن الوكيل قد يعرض له ما يمنعه عن العمل (٦) .


(١) الذخيرة للقرافي ٨/٩. ويظهر أن محل الخلاف عند المالكية فيما إذا لم يقاعد الوكيل الخصم ثلاثة مجالس أو اثنين، ذلك أنها لازمة في هذين الموضعين بالاتفاق في الأول، وعلى المشهور من المذهب في الثاني مع كونها بغير عوض كما مر فمع العوض من باب أولى.
(٢) نهاية المحتاج ٥/٥٢.
(٣) المغني ٧/٢٣٤.
(٤) القواعد لابن رجب ١٣.
(٥) الشرح الكبير مطبوع مع المغني والإنصاف ١٦/١٧١.
(٦) نهاية المحتاج ٥/٥٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>