للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القول الثالث: أنها لازمة للجاعل دون المجعول له بالشروع في العمل، وهو قول ثالث للمالكية (١) وهو المشهور من المذهب.

ومحل هذا الخلاف فيما إذا عقدت بلفظ الوكالة (٢) .

أمَّا إن عقدت بلفظ الإجارة أو الجعالة فهي مثلهما (٣) ، فتكون إجارة لازمة إن كانت بلفظ الإجارة، وتكون جعالة لاتلزم إلاَّ بالشروع في العمل في حق الجاعل، وجائزة في حق المجعول له.

والراجح في نظري - والله أعلم - أنها إن كانت على سبيل الإجارة وعقدت بلفظها أي بلفظ الإجارة فهي إجارة وتكون لازمة كسائر الإجارات، وإن عقدت بلفظ الوكالة فهي لازمة أيضاً نظراً للمعنى؛ لأنها في المعنى إجارة وإن كانت بلفظ الوكالة، وإن عقدت على سبيل الجعالة فهي مثلها فتكون جائزة من الطرفين قبل تمام العمل كما هو رأي الشافعية والحنابلة.

ووجه جوازها من جانب الجاعل أنها تعليق للاستحقاق على الشرط فما لم يحصل الشرط فله الفسخ، وأمَّا من جهة العامل فلأنها عقد على ما لايقدر على تسليمه، وعلى هذا فلو فسخ أحدهما قبل الشروع في المخاصمة فلا شيء له، وإن حصل الفسخ من جهة الوكيل بعد الشروع في العمل فلا شيء له؛ لأنه لم يتم عمله وإن كان الفسخ من جهة الجاعل فللعامل أجرة مثل عمله كالجعالة من غير وكالة (٤) ، والله أعلم.

المبحث الثاني: أسباب الفسخ

الوكالة إذا كانت بغير عوض فهي جائزة كما مرّ إلاَّ أنه يعرض لها اللزوم عند بعض الفقهاء في صور، وإن كانت على سبيل الإجارة فالإجارة من العقود اللازمة فلاتنفسخ الوكالة هنا إلاَّ بما تنفسخ به العقود اللازمة.


(١) الذخيرة ٨/٩، ومنح الجليل ٦/٤١٦، والتاج والإكليل ٧/٢١٤، وحاشية الدسوقي ٣/٣٩٧، والخرشي ٧/٣٣٦.
(٢) انظر: حاشية الدسوقي ٣/٣٩٧، والعزيز شرح الوجيز ٥/٢٥٦.
(٣) انظر: المرجعين السابقين.
(٤) انظر: نهاية المحتاج ٥/٤٧٦ وما بعدها، والشرح الكبير مع المقنع والإنصاف ١٦/١٧١.

<<  <  ج: ص:  >  >>