للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذا تعارض خبران وكان أحدهما منسوباً إلى النبي (نصاً وقولا، والآخر نسب إليه (استدلالاً واجتهادا؛ بأن يروى أنه كان في زمانه أو في مجلسه ولم ينكره، فما نسب إليه نصاً وقولاً أقوى؛ لكونه غير محتمل؛ إذ هو قول النبي (ولا خلاف في كونه حجة، وما في زمانه ربما لم يبلغه، وما في مجلسه ربما غفل عنه) (١) ومن أمثلة ذلك: ما روي عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي (نهى عن بيع أمهات الأولاد، وقال: {لا يُبَعْنَ، ولا يُوهَبْنَ، ولا يُرثن، يستمتع بها سيدها ما دام حيا، فإذا مات فهي حرة} ) (٢) (.

فيعارضه: ما روي عن أبي سعيد الخدري (حيث قال: (كنا نبيع أمهات الأولاد على عهد رسول الله ()) (٣) (.

غير أن مالكاً ذهب إلى أن العمل بمقتضى حديث ابن عمر رضي الله عنهما أولى؛ لأنه نص صريح قاطع من الرسول (في عدم جواز البيع، أما حديث أبي سعيد (فلم ينسب إلى الرسول (نصا، وإنما استدلالاً واجتهادا، فليس في سياقه أمر منه (ولا نهي، إلاّ أن هذا الفعل كان على عهده (، وليس فيه أيضاً ما يدل على أنه (علم بذلك فأقرهم عليه) (٤) (.

الوجه الثالث: ترجيح ما كان جامعاً بين الحكم وعلته:


(١) انظر: الغزالي: المستصفى ٢/ ٣٩٦، والحازمي: الاعتبار ٢٨- ٣٠، والرازي: المحصول ٥/٤٢١، وابن الحاجب: المختصر ٢/ ٣١١، ٣١٢، وابن النجار: شرح الكوكب المنير ٤/ ٦٥٥، وأمير بادشاه: تيسير التحرير ٣/١٦٠، والشنقيطي: مذكرة أصول الفقه ٣١٩.
(٢) أخرجه: الدارقطني: سنن الدارقطني (٤٢٠٣) ، وانظر أيضا: مالك: الموطأ (١٤٦٢) ، والبيهقي: السنن الكبرى ١٠/ ٣٤٢.
(٣) أخرجه: الحاكم في المستدرك ٢/١٩ وصححه، والدارقطني في سننه (٤٢٠٨) ، والبيهقي في السنن الكبرى ١٠/ ٣٤٨، واللفظ للحاكم والبيهقي.
(٤) انظر: مالك: المدونة ٤/ ١٧٣١- ١٧٣٦، والبيهقي: السنن الكبرى ١٠/ ٣٤٨، والحازمي: الاعتبار ٢٨- ٣٠، والشوكاني: نيل الأوطار ٦/ ٩٨، ٩٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>