للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فهكذا جرت سنة الله في ابتلاء المؤمنين لتمحيصهم ورفع درجاتهم, وتمييز الصادق من غيره, ويكون هذا الابتلاء تربية على الثبات في المحن والمواقف الصعبة, بل وحتى في السراء وإفاضة الخيرات والنصر تكون ابتلاء وفتنة, ليتميز الصادق والملتزم بدينه ممن تبطره نشوة النصر, وتنسيه نعمة السراء فضل الله عليه, فيتجاوز أمر الله وينساه, قال تعالى: (ونبلوكم بالشر والخير فتنة وإلينا ترجعون ((٢٦) وقال تعالى: (وبلوناهم بالحسنات والسيئات لعلهم يرجعون ((٢٧) وقد نجح المؤمنون الأوائل في أنواع الابتلاءات, وقاموا بما أوجبه الله عليهم من الصبر على البلاء, والمدافعة للأعداء, وبذل الأسباب المشروعة في رفع البلاء, وعدم الاستكانة والرضى بالواقع حتى يسر الله لهم الخروج من المحنة, كما كانت فتنة السراء والنصر بعد الهجرة إلى المدينة وظهور الدين ميدانا آخر فنجحوا في الجميع ولله الحمد, فتحقق لهم بذلك التمكين في الأرض ونشر الدين حتى أظهره الله على الدين كله, وكان هذا بعون من الله ثم بجهد منهم وعمل, وأخذ بالأسباب المعنوية والمادية المؤدية إلى ذلك, فما أحوج المسلمين اليوم وهم يجابهون أعداءهم إلى فقه هذه السنة الربانية حتى يجتازوا الفتنة والابتلاء بنجاح, ويحققوا النصر على عدوهم في الواقع, لكن لن يحصل ذلك حتى تنتصر المبادىء, وتستجيب النفوس لداعي الحق, وتحصل عندهم الرغبة والإرادة للنصر, والتمكين للدين الذي قَدّر الله أنه سيظهر على الدين كله لو كره المشركون, لكن لا بد من جهد وعمل وأخذ بالأسباب وإرادة قوية حتى تتحقق السنة الربانية والوعد الإلهي.

ب - سنة المدافعة للباطل وأهله.

إن الصراع بين الحق والباطل سنة ربانية جارية كما قال تعالى: وكذلك (جعلنا لكل نبي عدواً من المجرمين وكفى بربك هاديا ونصيرا ((٢٨) فالأنبياء وهم أكرم الخلق وأعدل الخلق وُجدَ لهم أعداء ومضادون, يجادلون بالباطل ليدحضوا به الحق.

<<  <  ج: ص:  >  >>