للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد يحصل التمكين المؤقت لمن يمتلك أسبابه المادية لكنه لن يكون تمكينا تاما ولن يكون مستمرا بل تنتابه الشرور والمنغصات, ولن يكون فيه الأمن الحقيقي ولا البركة في الأرزاق والأولاد قال تعالى: (ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى ((٣٦) .

وهذه السنن الثلاث (الابتلاء, المدافعة للباطل, التمكين (بينها ترابط فإن أهل الإيمان الحق يبتلون في أنفسهم وأهليهم, ويعاديهم أهل الباطل من المشركين والمنافقين والعصاة, فإذا ثبتوا على الحق ودافعوا أهل الباطل وسعوا في كشفه, وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر, كتب الله لهم التمكين والنصر, وأبدلهم بعد خوفهم أمنا, ومن بعد شدتهم رخاء, وهذه السراء من البلاء الذي يختبرون به, فلا بد من مراعاة حق الله, وحق عباده, والقيام بذلك في كل الأحوال, في السراء, وفي الضراء, حتى يستمر لهم التمكين والنصر في الدنيا, ويستحقون الجزاء الأخروى في جنات النعيم وإن هم أعرضوا وأخلوا بشروط التمكين فإن سنة الله الأخرى تنتظرهم وتحيق بهم, وهي سنة الاستبدال عندما تفقد الأمة صلاحية الاستمرار قال تعالى: (وإن تتولوا يستبدل قوما غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم ((٣٧) , والمتأمل في وقائع السيرة النبوية وسير الدعوة يرى التعامل مع هذه السنن والوعي بها واضحا حتى كتب الله لهم النصر والتمكين.

المسألة السادسة: معرفة مواضع الاقتداء من فعله صلى الله عليه وسلم

إن أفعال الرسول صلى الله عليه وسلم منها ما يفعله بحسب جبلته وطبيعته البشرية (٣٨) مثل القيام والقعود والأكل والشرب, وقضاء الحاجة والنوم ... الخ فهذه أفعال مباحة لم يقصد بها التشريع في أصلها لكن لها آداب وقواعد عامة في ممارستها والقيام بها فهذه الآداب يتأسى به صلى الله عليه وسلم فيها ويبتعد عن ما نهى عنه منها.

<<  <  ج: ص:  >  >>