للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وليس المنهج العلمي منافيا للحب والإيمان, وإنما المنهج العلمي يدعو إلى العدل والإنصاف وقول الحق, ومن العدل والإنصاف وقول الحق, الوفاء بحقوقه صلى الله عليه وسلم واحترامه ومحبته وإظهار ذلك, والعمل بالشرع الذي جاء به, والصلاة عليه كلما ذكر اسمه في البحث وغيره (٤٧) , واتباع سنته والدعوة إليها.

كما أن الغلو خلاف العدل وتعد على الحق الذي جاء به صلى الله عليه وسلم, ولهذا نهى صراحة عن ذلك بقوله: لا تطروني كما أطرت النصارى عيسى بن مريم؛ فإنما أنا عبد, فقولوا عبد الله ورسوله (٤٨) . فالتوازن هو منهج الوسطية الحق, فلا جفاء ولا غلو, وإنما وفاء بالحق والعدل وفق الميزان الشرعي. وفي أحداث السيرة نماذج ومواقف كثيرة من محبة الصحابة العالية لرسول الله صلى الله عليه وسلم, فكانوا أحرص الناس على طاعته, وأسرعهم إليها, وأنشطهم فيها, وأصبرهم عليها, ولهم في ذلك القدح المعلى والنصيب الأوفر إلى يوم القيامة (٤٩) .

منها قصة الصديق رضي الله عنه لما ضربه المشركون عندما دافع عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقول: (أتقتلون رجلا أن يقول ربي الله وقد جاءكم بالبينات من ربكم ... الآية ((٥٠) فضربوه حتى أغمي عليه, وبعد إفاقته كان أول ما تكلم به أن قال: ما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فلما أخبر بحاله قال: إن لله عليَّ أن لا أذوق طعاما ولا شرابا, حتى آتى رسول الله صلى الله عليه وسلم (٥١) .

... ومنها قصة زيد بن الدثنة (٥٢) رضي الله عنه لما أخرجه المشركون إلى التنعيم ليقتلوه, وسأله المشركون ننشدك الله يا زيد, أتحب أن محمداً عندنا الآن في مكانك تضرب عنقه, وأنك في أهلك؟ قال: والله ما أحب أن محمداً الآن في مكانه الذي هو فيه تصيبه شوكة تؤذيه, وأنا جالس في أهلي, فضحكوا. قال أبوسفيان: ما رأيت من الناس أحداً يحب أحداً كحب أصحاب محمد محمدا (٥٣) .

<<  <  ج: ص:  >  >>