أ- ويكون دعاءً: نحو: " غفر الله لك يدخلْك الجنة "؛ أي: إنْ غفر لك يدخلْك الجنة، و" غفر الله لي أنج من عذاب الله "؛ أي: إنْ غفر الله لي أنجُ، ومعناه معنى " اللهمّ اغفرْ لي أنجُ "، لكنه جاء مجيء لفظ الإخبار بالغفران على خلاف الأصل، فصحّ الجزم؛ لأنّ معنى الشرط فيه صحيح.
ب- ويكون غير دعاء: نحو قولهم: " حَسْبُك يَنَمِ النَّاسُ"؛ أي: اكتفِ ينم الناس؛ وقالوا:" أتّقَى اللهَ امرؤٌ وفعل خيراً يُثَبْ عليه " معناه: لِيَتَّقِ وجعلوا منه قوله تعالى: ? تُؤْمِنُونَ بِاْللهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فيِ سَبِيلِ اللهِ بأَمْواَلِكُمْ وأَنْفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ * يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ.... ? (١٥) فجزم" يغفرْ "؛ لأنه جواب " تؤمنون " لكونه في معنى: " آمنوا "، والدليل قراءة ابن مسعود - رضي الله عنه - " آمنوا ............وجاهدوا "(١٦) وقال أبو حيّان: (١٧)" قال بعض أصحابنا: الفعل الخبري لفظاً، الأمريّ معنى لا يقاس، ولم يُسمع منه إلاّ الذي ذكرناه ".
وجعل الشاطبي مما جاء بلفظ الخبر التحذير والإغراء ونحوهما قياساً على ما سبق؛ وذلك نحو:" إيَّاك وزيداً تسلمْ منه "، و " وأخاكَ تقو به".
ومن هذا الباب ما قام من المصادر مقام أفعال الأمر، ك " ضرباً زيداً يتأدبْ ". وصرّح الشاطبي بأنّ هذا كلّه إنّما أتى به على ما يحتمله كلام ابن مالك، وما يسوغه القياس، ولم ير فيه نصاً (١٨) .
وبعد هذا العرض الموجز لجزم المضارع في جواب الطلب، نقف عند بعض القضايا التي اختلف فيها النحويون في هذا الباب، وهي:
أولاً - عامل الجزم في جواب الطلب.
ثانيًا- علّة امتناع جزم المضارع بعد النفي والخبر المثبت.
ثالثًا- الجزم في جواب النهي.
رابعًا-أثر المعنى على الحركة الإعرابية في المضارع الواقع بعد الطلب.