إن تضمين الطلب معنى الشرط ضعيف؛ لأنّ التضمين زيادة بتغيير الوضع، والإضمار زيادة بغير تغيير، فهو أسهل، ولأنّ التضمين لا يكون إلاَّ لفائدة، ولا فائدة في تضمين الطلب معنى الشرط؛ لأنه يدل عليه بالالتزام، فلا فائدة في تضمينه معناه، قاله ابن الناظم. (٢٥) .
ثانيها: إنّ الجازم هو الطلب ناب مناب الشرط، لا على جهة التضمين، بل على جهة أنّ هذه الأشياء من أنواع الطلب قد نابت مناب الشرط؛ بمعنى أن جملة الشرط قد حذفت، وأنيبت هذه منابها في العمل، ونظيره قولهم:" ضرْباً زيداً "؛ فإنّ " ضرْباً " ناب عن "اضربْ " فنصب " زيداً "، لا أنّه ضمن المصدر معنى فعل الأمر، بل ذلك على طريق النيابة.
وهذا مذهب الفارسيّ (٢٦) ، وابن عصفور (٢٧) ، ونسبه أكثر النحويين إلى السيرافي (٢٨) .
ورُدّ هذا القول بالاعتراضات الآتية (٢٩) :
إن نائب الشيء يؤدي معناه، والطلب لا يؤدي معنى الشرط؛ إذ لا تعليق في الطلب بخلاف الشرط.
إنّ الأرجح في " ضرْباً زيداً " أنّه منصوب بالفعل المحذوف لا بالمصدر؛ لعدم حلوله محل فعل مقرون بحرف مصدري.
ثالثها: إن الجازم هو شرط مقدر دلّ عليه الطلب، وذهب إليه أكثر المتأخرين، واختاره أبو حيّان (٣٠) ، ورجّحه خالد الأزهريّ (٣١) وزعم أنه مذهب الخليل، وسيبوية، والسيرافي, والفارسي، إلاّ أنّهم اختلفوا في علته؛ " فقال الخليل وسيبويه: إنما جَزَمَ الطلب لتضمنه معنى حرف الشرط، كما أنّ أسماء الشرط إنما جَزَمتْ لذلك. وقال الفارسي والسيرافي: لنيابته مناب الجازم الذي هو حرف الشرط المقدر ....."(٣٢) .
مما سبق نجد أنّ المذاهب الثلاثة تدور حول مصطلحات ثلاثة:" التقدير، والتضمين، والنيابة "؛ فهل الجازم هو:
١- شرط مقدر بعد الطلب؟ " وهو المذهب الثالث "
٢- أم الطلب الذي تضمن معنى الشرط؟ ... " وهو المذهب الأول "
٣- أم الطلب الذي ناب مناب الشرط؟ ... " وهو المذهب الثاني "