للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا يخفى ما في نسبه هذه المذاهب إلى كلٍّ من الخليل، وسيبويه، والسيرافي، والفارسي، من اضطرابٍ؛ فقد نُسب إلى الخليل، وسيبويه المذهب الأوّل وهو " التضمين "، كما نُسب إليهما المذهب الثالث وهو " التقدير ". ونُسب إلى السيرافيّ، والفارسي المذهب الثاني، وهو " النيابة "، كما نسب إليهما - أيضاً - المذهب الثالث وهو " التقدير ".

وللوقوف على الحقيقة لابدّ من ذكْر كلامِ كلِّ واحدٍ منهم بنصّه، قال سيبويه (٣٣) : " وإنما انجزم هذا الجواب كما انجزم جواب " إن تأتني " بإن تأتني؛ لأنهم جعلوه معلقاً بالأول غير مستغن عنه - إذا أرادوا الجزاء - كما أنّ " إنْ تأتني " غير مستغنية عن " آتك ".

وزعم الخليل: أنّ هذه الأوائل كلها فيها معنى " إنْ " فلذلك انجزم الجواب ......".

فكلام سيبويه يحتمل أن يكون الجازم " إنْ والفعل " أي: شرط مقدر، ويحتمل أن يكون الجازم الطلب تضمن معنى الشرط المقدر، أو الطلب ناب مناب الشرط المقدر، فهو يحتمل المذاهب الثلاثة.

وقوله: " وزعم الخليل " قد يشير إلى أن ثمة اختلافًا بين مذهبيهما.

وكلام الخليل يحتمل - أيضاً - المذاهب الثلاثة؛ فقوله: " إن هذه الأوائل فيها معنى إنْ " يحتمل أنّها تضمنت معنى " إنْ "، كما يحتمل انها نابت مناب " إنْ " ودلت على معناها. وقوله: " فيها معنى إنْ " يدل على أنّ الشرط ملحوظ مقدّر، إمّا على جهة التضمين، أو النيابة. فالتقدير، والتضمين، والنيابة محتمَلة في كلامه.

أما قول السيرافي (٣٤) " جُزِمَ جواب الأمر، والنهي، والاستفهام، والتمني، والعَرْض بإضمار شرط في ذلك كله٠٠٠٠ ولفظ الأمر والاستفهام لا يدل على هذا المعنى، والذي يكشفه الشرط، فوجب تقديره بعد هذه الأشياء ".

<<  <  ج: ص:  >  >>