للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عرفنا فيما سبق أنّ جواب الطلب يُجزم عند سقوط الفاء إذا قُصد الجزاء، والجازم هو شرط مضمر ملحوظ من الكلام المكون من جملة الطلب وجملة الجواب معاً، يُقدر ب " إنْ " والفعل المناسب. واختيرت " إنْ " دون غيرها من حروف الجزاء؛ لأنّها أمُّ حروف الجزاء؛ فهي لا تفارق المجازاة، في حين غيرها من حروف الجزاء قد يتصرفن فيفارقن الجزاء.

والعلّة في تقدير المجازاة - هنا - هي إيجاد مسوّغ لجزم جواب الطلب؛ إذ الطلب في حد ذاته لا يقتضي جواباً، ولا يفتقر إلى جواب، ولكن لما وجد جواب مجزوم، كان لابد من إيجاد ما ينجزم به هذا الجواب ويتوقف عليه، لذلك قدّر النحويون المجازاة، بشرط مضمر يُقدر ب " إنْ والفعل "؛ فهذا الإضمار أو التقدير هو أمر وهميّ متخيّل، الغرض منه تسويغ الجزم في جواب الطلب؛ لذا لا يصح أن ينجزم الجواب إلاّ إذا صحّ المعنى بتقدير " إنْ والفعل "، فإذا لم يصح المعنى بتقدير الشرط، لم يجز الجزم في الجواب؛ فيجوز الجزم في نحو:" علّمني عِلْمًا انتَفِعْ به " (٥١) ،وقوله تعالى:

? ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا.... ? (٥٢) ويمتنع الجزم في نحو: " أطعمْ جائعاً يبحثُ عن طعامٍ".

... ويجب الجزم في نحو: " افتحْ صنبورَ الماءِ ينهمرْ ماؤه "، وقوله تعالى: ? اقْتُلُوا يُوسُفَ أوِ اطْرَحُوهُ أَرْضًا يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ.... ? (٥٣) .

وأضاف أكثر النحويين (٥٤) إلى هذا الشرط العام شرطاً آخر لصحة الجزم في جواب النهي، وهو وقوع " لا " بعد " إنْ " الشرطية المقدرة دون أنْ يقع فساد في المعنى؛ قال ابن مالك (٥٥) :

وشَرْطُ جزمٍ بعدَ نهيٍ أنْ تضع " إنْ " قبلَ " لا " دونَ تخالفٍ يقع

<<  <  ج: ص:  >  >>