للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التقديم والتأخير أحد المباحث البلاغية المهمة، وقد عرض له السهيلي في مواضع متعددة، منها عند قوله تعالى: (وليس الذكر كالأنثى ((آل عمران: ٣٦) حيث بين أن الترتيب بحسب الأفضل في نظر الله للعبد، فقال: "فإن قيل: كان القياس في الكلام أن يقال: وليس الأنثى كالذكر، لأنها دونه، فما باله بدأ بالذكر؟ والجواب أن الأنثى إنما هي دون الذكر في نظر العبد لنفسه، لأنه يهوى ذكران البنين، وهم مع الأموال زينة الحياة الدنيا، وأقرب إلى فتنة العبد، ونظر الرب للعبد خير من نظره لنفسه، فليس الذكر كالأنثى على هذا، بل الأنثى أفضل في الموهبة (١) ، ألا تراه يقول سبحانه (يهب لمن يشاء إناثا ((الشورى: ٤٩) فبدأ بذكرهن قبل الذكور (٢) ، وفي الحديث: (ابدؤوا بالإناث) (٣) ، يعني في الرحمة وإدخال السرور على البنين، وفي الحديث أيضا: (من عال جاريتين دخلت أنا وهو الجنة كهاتين) (٤) فترتب الكلام في التنزيل على الأفضل في نظر الله للعبد، والله أعلم بما أراد" (٥) .


(١) نظر: تفسير الكشاف للزمخشري (١/٣٥٦) .
(٢) نظر رأي الزمخشري في هذا السياق في تفسير الكشاف، (٤/٢٣٢) .
(٣) م أجده بهذا اللفظ، ولكن ورد أحاديث قريبة من معناه، انظر: مشكاة المصابيح، (٣/١٣٨٩، ١٣٩٣) الحديث رقم: (٤٩٧٩) ، و (٥٠٠٢) .
(٤) واه مسلم ولفظه: (من عال جاريتين حتى تبلغا جاء يوم القيامة أنا وهو هكذا) وضم أصابعه، انظر: مشكاة المصابيح، (٣/١٣٨٤) .
(٥) لروض الأنف، (٣/١٣) .

<<  <  ج: ص:  >  >>