للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويصحح السهيلي ماوقع في بعض الروايات من تصحيف، ربما غير معنى التشبيه، ويختار ما هو مناسب للمعنى، يقول: "وذكر ابن إسحاق أيضا أنهم أفضوا إلى قواعد البيت، وإذا هي خضر كالأسنمة، وليست هذه رواية السيرة، إنما الصحيح في الكتاب: كالأسنة، وهو وهم من بعض النقلة عن ابن إسحاق، والله أعلم، فإنه لا يوجد في غير هذا الكتاب بهذا اللفظ لا عند الواقدي ولا غيره، وقد ذكر البخاري في بنيان الكعبة هذا الخبر، فقال فيه عن يزيد بن رومان: (فنظرت إليها، فإذا هي كأسنمة الإبل) (١) ، وتشبيهها بالأسنة لا يشبه إلا في الزرقة، وتشبيهها بأسنمة الإبل أولى، لعظمها، ولما تقدم في حديث بنيان الملائكة لها قبل هذا" (٢) .

ثانيا: المجاز

يساوي السهيلي بين كلمة مجاز واتساع، ويشير إلى كثرة استعمال العرب للمجاز والاتساع فيقول: في التفريق بين لفظ الروح والنفس: "اضطربت المذاهب...ومجازات العرف واتساعاتها في الكلام كثيرة" (٣)

والاستعارة عنده من المجاز، ولذلك يطلق عليها مصطلح المجاز، يقول: "وقوله: * حذوناها من الصوان سبتا *

أي حذوناها نعالا من حديد، جعله سبتا لها مجازا". (٤)

ويتعرض السهيلي لحجية المجاز في اللغة عند قوله تعالى: (وبلغت القلوب الحناجر ((الأحزاب: ١٠) ، يقول: "والقلب لا ينتقل من موضعه، ولو انتقل إلى الحنجرة لمات صاحبه، والله سبحانه لا يقول إلا الحق، ففي هذا دليل على أن التكلم بالمجاز على جهة المبالغة، فهو حق إذا فهم المخاطب عنك" (٥)


(١) حيح البخاري، تحقيق د. مصطفى ديب البغا، (٢/٥٧٤) الحديث رقم (١٥٠٩) . ولفظه: (وقد رأيت أساس إبراهيم، حجارة كأسنمة الإبل) .
(٢) لروض الأنف، (١/٢٢٩) .
(٣) لمصدر السابق، (٢/٦٢) .
(٤) لمصدر السابق، (٤/٧٩) .
(٥) لروض الأنف، (٣/٢٨٥) .

<<  <  ج: ص:  >  >>