للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويضيف السهيلي مثالا آخر للمجاز، "وهذا كقوله تعالى: (يريد أن ينقض فأقامه) (الكهف: ٧٧) أي مثله كمثل من يريد أن يفعل الفعل ويهم به، فهو من مجاز التشبيه، وكذلك هؤلاء مثلهم فيما بلغهم من الخوف والوهن وضيق الصدر كمثل المنخلع قلبه من موضعه، وقيل هو على حذف المضاف، وتقديره: بلغ وجيف القلوب الحناجر" (١) ، وهذا المثال من الاستعارة المكنية التبعية، وأطلق عليه مجاز التشبيه لأن التشبيه أساس الاستعارة كما سبق، والتشبيه عند ابن الأثير نوع من المجاز (٢)

وينكر المجاز في آية أخرى مشابهة، لأنها وصف لأهوال القيامة، والقيامة لها أحوالها الخاصة بها على كل حال، يقول: "وأما قوله: (إذ القلوب لدى الحناجر ((غافر: ١٨) فلا معنى لحمله على المجاز، لأنه في صفة هول القيامة، والأمر فيه أشد مما تقدم، وقد قال في أخرى: (لا يرتد إليهم طرفهم وأفئدتهم هواء ((إبراهيم: ٤٣) أي قد فارق القلب الفؤاد، وبقي فارغا هواء" (٣) . وهذه إضافة تحتسب له هنا، صحيح أن القرآن جاء على لسان العرب، ولكن هنالك أمورا تناولها في عالم الغيب لها سماتها الخاصة بها، فلا ينبغي أن تخضع لمنطق اللغة دائما، لأن اللغة محكومة في دلالالتها الحسية والبيئية عند من نطقوا بها، وما وراء الغيب يتجاوز معطيات هذه الدلالات، ولذلك قال ابن عباس: "لا يشبه شيء مما في الجنة ما في الدنيا إلا في الأسماء" (٤)

المجاز العقلي:

... لم يشر السهيلي إلى المجاز العقلي صراحة، ولكنه عرض تحليل بعض علاقاته، كالمفعولية حيث قال: "وقوله:

فراضية المعيشة طلقتها

أي المعيشة المرضية، وبناها على فاعلة، لأن أهلها راضون (٥) ، لأنها في معنى صالحة" (٦)


(١) لروض الأنف، (٣/٢٨٥) .
(٢) نظر: كتاب الطراز للعلوي، (١/٢٦٥) .
(٣) لروض الأنف، (٣/٢٨٥) .
(٤) ختصر تفسير ابن كثير، للصابوني، (١/٤٤) .
(٥) نظر: الإيضاح في علوم البلاغة، ص (٩٨) .
(٦) لروض الأنف، (٤/٧٩) .

<<  <  ج: ص:  >  >>