للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فهو هنا يوضح أن الاستعارة قائمة على التشبيه، وهذه استعارة تبعية مكنية، حيث شبه المنون بالمرأة التي يأتيها المخاض، والسهيلي لم يحلل الاستعارة كعادته، وإنما يكتفي بذكر المصطلح غالبا.

وربما اكتفى السهيلي بذكر مصطلح التشبيه دون الاستعارة أحيانا، كما في قوله: "قيل لمن روى علما أو شعرا: راوية، تشبيها بالمزادة أو الدابة التي يحمل عليها الماء، وليس من باب علامة ونسابة" (١) . وهذه استعارة تصريحية كما هو معلوم، وقد اكتفى بذكر مصطلح التشبيه عندها.

وقد أشار السهيلي إلى مصطلح الاستعارة مرات عديدة على الإجمال من دون ذكر تقسيمات الاستعارة المعروفة في كتب البلاغة، من ذلك قوله عند ذكر شعر معبد الخزاعي وفيه: ((٢)

* إذا تغطمطت البطحاء بالخيل *

قال معقبا عليه: "لفظ مستعار من الغطمة، وهو غليان القدر". (٣)

وقال في شرح قول كعب بن مالك: (٤)

* إنا بنو الحرب نمريها وننتجها *

:"مستعار من مريت الناقة، إذا استدررت لبنها، ونتجتها إذا استخرجت منها ولدا" (٥)

وفي تعليقه على ما أنشد ثعلب: (٦)

*قمنا فآنسنا الحمول والحدج*

قال: "وفي العين: الحدج: حسك القطب مادام رطبا (٧) ، فيكون الحدج في البيت مستعارا من هذا، أي لها حسك" (٨)

وفي تعليقه على قوله تعالى: (فضربنا على آذانهم) (الكهف: ١١) قال: "أي أنمانهم، وإنما قيل في النائم ضرب على أذنه، لأن النائم ينتبه من جهة السمع، والضرب هنا مستعار من ضرب القفل على الباب" (٩) .


(١) لروض الأنف، (٢/١٤٥) .
(٢) لمصدر السابق، (٣/١٨٠) .
(٣) لمصدر السابق، (٣/١٨٠) .
(٤) لمصدر السابق، (٣/٢١٨) .
(٥) لمصدر السابق، (٣/٢١٨) .
(٦) لمصدر السابق، (٢/١٢٨) .
(٧) ي القاموس المحيط، مادة (حدج) : (الحَدَج: الحنظل، وحمل البطيخ مادام رطبا، وحسك القطب الرطب) .
(٨) لروض الأنف، (٢/١٢٩) .
(٩) لروض الأنف، (٢/٥٤-٥٥) .

<<  <  ج: ص:  >  >>