للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الضيافة من مكارم الأخلاق ومِن آداب الإسلام، ومِن خُلق النبيين والمرسلين وعباد الله الصالحين، وهي كرم وبذل حفاوة وتكريم، تستمال بها النفوس وتجتذب وتعطف بها القلوب وتؤلف، والدعوة كذلك بذل للمعروف لين في الكلام سخاء في الأخلاق، والضيف عزيز كريم.

ولذا كان إكرام بعض الناس فى العطاء سببا في إسلامهم، كما روي عن أنس (أن رجلا سأل النبي (غنما بين جبلين، فأعطاه إياه، فأتى قومه فقال: أي قوم! أسلموا فوالله إنّ محمدا ليعطي عطاءً من لا يخاف الفقر، فقال أنس: إن كان الرجل ليسلم ما يريد إلا الدنيا، فما يسلم حتى يكون الإسلام أحب إليه من الدنيا وما عليها (١)

واعطى يوم حنين صفوان بن أمية (مائة من الغنم، ثم مائة، ثم مائة، فقال صفوان: والله لقد أعطاني رسول الله (ما أعطاني، وإنه لأبغض الناس إليّ، فما برح يُعطيني حتى إنه لأحب الناس إليّ (٢) .

وقفة لا بد منها: يجب أن يعلم الداعية أن يكون عطاؤه ومنعه لله تعالى فحسب، لا فرق في ذلك بين القريب والبعيد والعدو والصديق (إن يكن غنيا أو فقيرا فالله أولى بهما فلا تتبعوا الهوى أن تعدلوا وإن تلووا أو تعرضوا فإن الله كان بما تعملون خبيرا ((النساء ١٣٥) .

ولا بد أن يكون في حسبانه بأن المال مدعاة للمؤاثرة إن لم يراقب الله فيه، أسوة برسول الله (لا يريد من وراء ذلك جزاء ولا شكورا، فلا يهمه إرضاء قريب أويزعجه غضب صديق أو يثيره شر من أحسن إليه، فلا بد من الصبر والتحمل في ذات الله تعالى ليتحقق المنع والعطاء لله وحده.

١١- (الصبر والتحمل) :

إنّ الصبر والتحمل لمن أبرز صفات الداعية وأوجبها ومن أصول منهج الدعوة وأسسها وآدابها،، فمن فقد الصبر فقد الدعوة، فلا يكمل الداعية ولا تتم الدعوة بدون صبر واصطبار.


(١) صحيح مسلم ج٤/١٨٠٦.
(٢) صحيح مسلم ج٤/١٨٠٦. وانظر أحكام القرآن للقرطبي ج٩/٦٤، ٦٨، ١٧/٤٤، ٤٥، روح المعاني للألوسي ج٥/٢٥٠، ٩/١١، في ظلال القرآن لسيد قطب ج٦/٣٣٨٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>