وفي الوقت نفسه فهو (ليعرف مدى كمال إيمان ابنه وقوته وصلابته، حتى يأخذه طاعة وإسلاماً فينال كامل أجر الطاعة، لا يريد تنفيذ الأمر على غِرّة دون أن يشير عليه، فيوطن نفسه ويثبت قدمه إن جزع ويأمن عليه إن سلم، بل يعرض الأمر عليه ويطلب منه التروي والتريث، كالذي يعرض المألوف من الأمر فيقول له: (فانظر ماذا ترى (أي: انظر ماذا تريني أياه من صبرك واحتمالك، أو ما تريك نفسك من الرأي.
فإذا بالابن أعجب من أبيه!، فهو يريد أن يرتقى كالأب إلى الكمال، فيبادله هذه الشفقة الأبوية بالتوقير والتعظيم والتبجيل بكامل الود المعبر عن كمال الرضى بلفظ الأبوة قائلا: (يا أبت افعل ما تؤمر ستجدني إن شاء الله من الصابرين (. (الصافات ١٠٢) .امض لما أمرك الله به في تسليم من غير قلق ولا فزع ولا فقدان وعي ورشد، فالأمر لا يقبل التردد والمشورة (١) .
(١) في ظلال القرآن لسيد قطب ج٥/٢٩٩٤، وانظر تفسير الكشاف للزمخشري ج٤/٥٢، أحكام القرآن للقرطبي ج١٥/٩٧- ١٠٧، فتح القدير للشوكاني ج٤/٤٠٣.