ومن شعراء الأعراب الذي وصفوا بالفحش وسوء الخلق: ضابئ بن الحارث بن أرطاة، من بني غالب بن حنظلة التميمي البرجمي. وصفه ابن سلام فقال:((وكان ضابئ ابن الحارث رجلا بذيا كثير الشر)) (٧٠) . وقال عنه المبرد:((وكان فاحشاً)) (٧١) وحينما سمع عثمان بن عفان رضي الله عنه شعره في أم ولد عبد الله بن هوذة قال ((ما أعلم في العرب رجلا أفحش ولا ألأم منك، وإني لأظن رسول الله (لو كان حياً لنزل فيك قرآن:)) (٧٢) وساق ابن سلام وغيره من الرواة خبر حبس عثمان له لبعض جناياته ومنها (٧٣) :
- وطئ صبياً بدابته فقتله، فرفع إلى عثمان بن عفان فاعتذر بضعف بصره.
- استعار كلب صيد من قوم من بني نهشل يقال له قرحان، فحبسه حولاً، ثم جاءوا يطلبونه وألحوا عليه حتى أخذوه فرمى أمهم به.
- اضطغن علي عثمان ما فعل به، فلما دعي ليُؤَدّبَ شد سكيناً في ساقه ليقتل بها عثمان فعثر عليه فأحسن أدبه.
وتحتفظ أمهات المصادر العربية بقدر يسير من شعر ضابئ، وهذا القدر على قلته يكفي للتدليل على صحة ما ذهب إليه الرواة. ففي بعض أبياته نقف له على معان ساقطة الفحش والإقذاع فيهما ظاهران يغنيان عن أقاويل الرواة ويكشفان عن نفس شريرة لا تتورع عن القذف والبهتان. ولعل أظهر ما يوضح أخلاق ضابئ وسوء طباعه وإسرافه في البغي والعدوان هجاؤه لأم ولد عبد الله بن هوذة. فقد أبرزت الأبيات استخفافه بالقيم الأخلاقية، والمثل العربية واندفاعه وراء السفه والبغي. والإسلام الذي أمر أتباعه بالتحلي بالأخلاق الفاضلة التي تقوم على نبذ الفواحش ما ظهر منها وما بطن، حرم الهجاء وذم الفحش. ويبدو أن رقة دين ضابئ دفعته إلى السقوط والإفحاش على هذه الشاكلة التي لا نرى أمثلة لها حتى في الشعر الجاهلي، حينما كان الشعراء يرمزون إلى ما يريدون ولا يصرحون بالمعنى الفاحش كما هو ظاهر في أبيات ضابئ (٧٤) . [الطويل]