وقد استحضرت هذه الدراسة نموذجين بارزين سبقا أحمد جمال في الانتقال من عالم الشعر إلى عالم النثر، ونجحا في الجنسين الأدبيين، وهما الأستاذ سيّد قطب، والأستاذ مصطفى صادق الرافعي، رحمهما الله، مع الاستشهاد بعمل من أعمالهما في كلّ من الشعر والنثر، ليتسنى الوقوف على الخصائص الأسلوبية، والملامح الفنية، والاتجاهات الفكرية لكل شخصية، بما يتيح تشكيل صورة كاملة، ووضع تصور واف، بما يخدم الموازنة من جانب، ويقتضي الاقتضاب بما يتواءم مع طبيعة البحث. ثم أردفت ذلك باستعراض التوجّهات الفكرية التي أبحر قلم الأستاذ أحمد جمال في عبابها، لتبيان المساحة الفكرية التي ساحت فيها يراعته، وتقديم صورة كلية لتوجهاته الفكرية، بما يكشف عن غزارة إنتاجه، وتنوع الموضوعات التي طرقها، من تفسير وسيرة وتربية وفكر واقتصاد، وإبراز السمات والخصائص الأسلوبية لكل فرع طرقه، ليفضي بنا ذلك إلى تحديد النتائج بعد الموازنة.
ويتعيّن أن أشير إلى أن سمة الوضوح التي يتصف به فكر أحمد جمال، اقتضت النزوع نحو الاستشهاد، وإيراد النصوص كاملة، وعدم ابتسارها، لتقديم صورة كلّية واضحة تفصح عن ملامح فكره، وتوجهه الأسلوبي، باعتباره من الشخصيات الأدبية التي تحبذ الوضوح والجلاء في تناول القضايا الفكرية التي تشرئب نحو الإقناع والتأثير، وهو بذلك يريح الباحث من خلال تقديم نفسه واضحاً وجلياً، فلا يعوز الباحث سوى قليل من الجهد عند الاستنباط، وإعمال الفكر، للوصول إلى المرامي والأهداف.