قال الرفاعي: أصارحك القول، إنني حاولت أن أفهم ماذا يريد أن يقول أبو العلاء، فاستعصى على فهمه. فقد كانت لغته ومحتواه فوق مستواي، ولكني أكابر نفسي بأنني قرأت أبا العلاء المعري) (٣) .
ولقد بدا من تأثير صداقة الرفاعي لأحمد جمال، وكذلك ارتباطه الحميم بشقيقه الذي يكبره سناً صالح أنهم كانوا يرتادون المجالس الأدبية، فنما نتيجة لذلك تطلّع أحمد جمال في أن يصبح شاعرا تنصت لشعره الأسماع، وترحل به الركبان، مثل شوقي وحافظ إبراهيم (٤)(رحمهما الله) ، ولعل صدى ذلك الإعجاب بشوقي والاهتمام المبكر بشعره يتجلّى في قيامه بتشطير بيت له وهو:
(أكذب نفسي عنك في كل ما أرى)
وأهزأ بالواشي إذا جاء يوقع
أصمّ لدى لغو العواذل مسمعي
(وأسمع أذني فيك ما ليس تسمع)(٥)
ومن المعروف لدى المتخصصين من الباحثين والدارسين ان الأدب العربي عرف ظاهرة الجمع بين الشعر والنثر لدى جمهرة من الأدباء كالمعري الذي تعاطي الشعر في ديوانيه (سقط الزند) في مرحلة الصبا و (اللزوميات) في مرحلة النضج وضم إليهما أعماله النثرية (رسالة الغفران) و (رسالة الصاهل والشاحج) و (رسالة الملائكة) و (الفصول والغايات)(٦) .
وليس آخر هؤلاء الأدباء العقاد الذي جمع بين الشعر والنثر، لكن المفارقة تكمن في الأدب الحجازي، والذي دأب أدباؤه على الجمع بين الشعر والنثر في الأغلب والأعم، إذ استهلّ أحد أكثر شعرائه شهرة أعماله بكتاب نثري، وهو الأستاذ محمد حسن عواد في (خواطر مصرحة)(٧) ، واستهلّ أحد أشهر كتابه ولغوييه ومفكريه، وهو الأستاذ أحمد عبد الغفور عطار حياته الأدبية بإصدار ديوان شعري هو (الهوى والشباب)(٨) .