للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويتجانس مع هذا التوجه ما حدث من انتقال في حياة الأستاذ أحمد جمال الذي عُرف بالأعمال الفكرية العديدة والدراسات الدينية المتعاقبة فقد استهلّ حياته الأدبية والفكرية شاعراً، إلى جانب إسهاماته في الأجناس الأدبية الأخرى.

فلقد أصدر في مطلع شبابه ديواناً ضمّ العديد من القصائد والمقطوعات الشعرية، التي نشرت من قبل في صحف المملكة ومصر وغيرهما، وسمّاه (الطلائع) (٩) واسم الديوان ينطوي على مفارقة تكمن في أن هذه الطلائع لم يردفها الشاعر بتوابع تلحق بها، فقد انقضّت الطلائع على مدلولها واستحالت كما قال الشاعر نفسه إلى (الخواتيم) إذ لم يتسن للشاعر - بإرادته - أن ينشر، ولعله لم ينظم بعدها شعراً، يدلّل على استمرار اهتمامه بهذا الجنس الأدبي، لا لضمور في المقدرة الشعرية أو نضوب في معينها الممدّ والمتدفق، بل لسبب جلي وواضح، يسهل عزوه إلى عكوف أديبنا على قضايا الإسلام والأمة الإسلامية.

ولذلك حينما قام نادي مكة الأدبي بإعادة نشر هذا الديوان، عمد إلى نشره تحت مسمى جديد، وهو (وداعا أيها الشعر) ، في إشارة من الشاعر إلى تغيير مساره الفكري والثقافي، حيث يبين بواعث هذا التغيير بقوله: (أما أنا فهذا بعض شعري الذي قلته منذ صباي ثم شبابي، وقد سميت الطبعة الأولى من ديواني (الطلائع) لأني كنت أحسب أني سأظل شاعراً، وأقول الشعر في مختلف مجالات الحياة وأحداثها ومسالكها. ولكن الله عز وجل أراد غير ذلك، فوجّهني إلى أدب الدراسات الإسلامية، فكتبت فيها المقالات، وألّفت الكتب، وألقيت المحاضرات ودرستها لطلاب الجامعة، في مكة المكرمة وجدة، وفي المؤتمرات الداخلية والخارجية.

وبذلك التوجيه الذي أراده الله لي، كانت (الطلائع) (الخواتيم) ولكنها ذكريات عزيزة (١٠) .

<<  <  ج: ص:  >  >>