للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(فإذا ورد عليك الشعر اللطيف المعنى، الحلو اللفظ، التام البيان، المعتدل الوزن، مازج الروح ولاءم الفهم، وكان أنفذ من نفث السحر، وأخفى دبيباً من الرقى، وأشد إطرابا من الغناء فسلّ السخائم، وحلل العقد، وسخّى الشحيح، وشجّع الجبان وكان كالخمر في لطف دبيبه وإلهائه، وهزّه واثارته، وقد قال النبي (: (إن من البيان لسحرا) (١٩) .

ونقطة الالتقاء بين المبدع والمتلقي، تكمن في جوهرها في ميدان النص، والمتشكل من النسيج اللغوي، وما يلونه من أخيلة وصور، ولذلك ينبه في الفصل بين لغة الشعر ولغة النثر الدكتور مصطفي ناصف، حتى في المواطن التي تستدعي المناداة بقيم أخلاقية، بقوله: (وما ينبغي أن نخلط التعبير المباشر عن القيم الخلقية بالتعبير الفني، إن الشاعر لا يصف الفضائل ولكنه يعانيها، وقد اتسع ديوان الشعر العربي لتعبيره المتواتر، بتلك الطريقة، عن الآداب والاخلاق، ثم نضبت الصورة الشعرية في كثير من النماذج لأن وصف الفضائل والآداب غاية لا تتصل في كثير بالمعاناة والتجربة التي يلح عليها المحدثون في التفرقة بين الشعر والنص الخلقي والعلمي والفلسفي) (٢٠) .

وهو ما يكرّسه بإيضاح الدكتور عز الدين إسماعيل، ملخصا آراء الناقد الأمريكي المعاصر دونالد استوفر، حيث يقول:

(اللغة في الشعر هي أول ظاهرة تحتاج إلى النظرة. وواضح أن لغة الشعر تختلف عن لغة العلم والفلسفة، فالعلم والفلسفة في حاجة إلى لغة تصل إلى الهدف مباشرة أو توصل إليه. ولا بأس في الاستغناء عن اللغة المألوفة إذا وجدت اللغة التي تؤدي إلى هذا الهدف من أقرب طريق كما هو الشأن في لغة الجبر (أ+ ب = ج مثلا) .

<<  <  ج: ص:  >  >>