وهي قصيدة رومانسية، تشف عن نزعة إيمانية كامنة، لا يعسر الاهتداء إليها، وتتبع خطوطها بين ثنايا القصيدة وبين غيوم المناخ الرومانسي. فكأنها الغلاف الذي يشفّ عما تحته، كما تشي بتلك الرومانسية بل وتوحي بها عناوين كتبه.
ومن أراد أن يرسم لوحة لأدب الرافعي يتعيّن أن يحتضن إطارها مسارين مميزين يحكمان مسيرة الرافعي الأدبية:
١- الاتجاه العاطفي ويتجلى في الرومانسية التي انطوت عليها كتبه مثل (أوراق الورد) و (حديث القمر) و (السحاب الأحمر) الذي يقول فيه:
(رأيت وجه فتاة عرفتها قديما في ربوة من لبنان ينتهي الوصف إلى جمالها ثم يقف، كنت أرى الشمس كأنما تجرى في شعرها ذهبا، وتتوقد في خدها ياقوتاً، وتسطع في ثغرها لؤلؤة، وكنت أرى الورد الذي يزرعه الناس في رياضهم، فإذا تأمّلت شفتيها، رأيت وردتين من الورد، الذي يزرعه الله في جنته، وكانت لها حينا خفّة العصفور، وحينا كبرياء الطاووس، ودائما وداعة الحمامة المستأنسة، وكانت روحها عطرة، تنضح نفح المسك إذا تشامت الأرواح العزلة بالحاسة الشعرية التي فيها. وكنت إذا رأيتها بجملة النظر من بعيد، صور لها قلبي من الحسن، والهوى ما يموت فيه موتةً ثم يحيا، فإذا جالستها وأمعنت النظر فيها رأيتها في التفصيل شيئا بعد شىء، كما أنظر نجما بعد نجم بعد نجم: كلها شعاع وكلها نور وكلها حسن.