للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أحرص الناس على الخير ممن جاء بعدهم، والذين بذلوا أنفسهم وأموالهم في هذا السبيل. فلقد كان من سنن الصحابة رضوان الله عليهم حرصهم على اتباع النبي لأنهم يؤمنون بأن منشأ محبته وثباتها قوتها إنما يكون بمتابعته في أقواله وأفعاله وسلوكه وتصرفاته.

كما أنهم يؤمنون بأن الابتداع في الدين يضاد تلك المحبة وينافيها ولذلك لم يعهد عنهم أنهم ابتدعوا أشياء من عند أنفسهم لإظهار محبتهم للنبي كما ابتدع المتأخرون ما ابتدعوه من البدع تحت ستار المحبة والتعظيم له . فإذا كان هذا هو شأن الصحابة فيما أثر عنهم من الآثار وهم المشهود لهم بأنهم أشد الأمة وأفضلها محبة وتعظيما للنبي ، أفلا يسع من جاء بعدهم ما وسعهم، فيتركوا تلك الأمور المبتدعة التي أحدثت من بعدهم، والتي لم يأذن بها الله ولم تكن من هدي رسول الله ، من ولا من عمل أصحابه وأرضاهم، ومن لم يتسع له ما اتسع للصحابة ، فلا وسع الله عليه في الدنيا ولا في الآخرة.

فعن قتادة قال: قال ابن مسعود : "من كان منكم متأسيا فليتأس بأصحاب محمد ، فإنهم كانوا أبر هذه الأمة قلوبا، وأعمقها علما وأقلها تكلفا وأقومها هديا وأحسنها حالا، قوم اختارهم الله لصحبة نبيه ، وإقامة دينه، فاعرفوا لهم فضلهم واتبعوهم في آثارهم فإنهم كانوا على الهدى المستقيم" (١).

* * *


(١) جامع بيان العلم وفضله (٢/ ١١٩).

<<  <   >  >>