للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[تمهيد (لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم)]

[ينبغي الحذر والتحرُّز من الاشتباه الذي قد يحصل ما بين حق الله تعالى وما للرسول من حق؛ إذ قد يقع التداخل بين الحقين على وجه لا يشعر العبد فيه بالفرق، وقد يتعمد الخلط بين المفهومين ظانًا أنه بذلك يؤدي واجب تجاه النبي ، أو قد يكون مدفوعا بفرط محبة النبي والمبالغة في تعظيمه؛ فيتجاوز بذلك حدود حق الله تعالى الخالص فيجعله - ظلمًا - من حق الرسول ، فيصرف - بذلك - العبادة إليه، فيقع في الشرك المنهي عنه بهذه الأسباب أو بغيرها، فلا يحقق - بالتالي - ركن الشهادة ولا شرطها.

والمعلوم أن لله حقًّا خالصًا لا يشرك فيه معه غيره، وهو ما يختص به من الربوبية والألوهية، والأسماء والصفات؛ فإن كل ما دعا إليه الشرع الحكيم من أنواع الطاعات وأعمال الخير والإحسان ما أمر به وحثَّ على فعله ورغَّب فيه من الأقوال والأعمال الباطنة والظاهرة داخل في مفهوم العبادة وعمومها، لا يجوز صرفه - بحال - لغير الله تعالى، بل حق الله المؤكد على العبيد وجوب صرف كل العبادات له دون غيره؛ لأنه هو المعبود المطاع، ولا معبود بحق سواه، وهي الغاية التي خلق الله الخلق لأجلها، ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾ [الذاريات]، والمعلوم أن لا نصيب لأحد في الجنة بدون القيام بحق الله تعالى، كما جاء في حديث معاذ بن جبل قال: قال النبي : "يا معاذ، أتدري

<<  <   >  >>