للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المطلب الثالث: الكلام على مسألة الاستغاثة]

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "الاستغاثة: طلب الإغاثة والتخليص من الكربة والشدة. والنبي في حياته يجوز أن يستغاث به، فيطلب منه أن ينصر المظلوم، ويطعم الجائع، ويسقى الظمآن، ويخلص الأسرى، ويقضي الدين عن المدين، ويبين الدين، ويزيح شبهات المعارضين ويجب السائلين ونحو ذلك.

ومعلوم أن نبينا أفضل الناس عملًا، وأعظمهم حرصًا على البر والتقوى، بل كل خير في الوجود فهو معين عليه بل له مثل أجر كل عامل خير من أمته فإنه هو الذي دعا إلى ذلك "من دعا إلى الهدى كان له مثل أجور من تبعه من غير أن يتقص من أجورهم شيئا" (١) (٢).

واستغاثة الصحابة به في القحط، إنما به استغاثوا به ليدعو لهم كما يستغيث الناس به يوم القيامة ليشفع لهم.

والاستغاثة بالمخلوق ليدعو للعبد أو ليعينه بما يقدر عليه ليس بممنوع منه. وإنما الممنوع أن يستغاث به فيما لا يقدر عليه، وأن يقسم على الله به ولا سيما إذا كان المخلوق ميتًا أو غائبًا فلا يجوز أن يستغاث به فيما يقدر عليه حيًا، ولا فيما لا يقدر عليه.

"وأما قول من يقول إن الاستغاثة به بعد موته ثابتة ثبوتها في حياته فهو كلام باطل قطعا لأنه يلزم من ذلك أن يطلب منه أن يخرج


(١) أخرجه مسلم في كتاب العلم، باب من سن سنة حسنة أو سيئة … برقم (٢٦٧٤).
(٢) الرد على البكري (ص ٨٨) بتصرف.

<<  <   >  >>