للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المطلب الثاني التعريف الشرعي للغلو وموقف الشرع منه]

الغلو في الشرع: هو مجاوزة حدود ما شرع الله سواء كان ذلك التجاوز في جانب الاعتقاد أو القول أو العمل.

وقد جاء ذكر لفظ الغلو في القرآن الكريم في موضعين وكان الخطاب فيهما للنصارى باعتبارهم أكثر غلوا في الاعتقادات والأعمال من سائر الطوائف وأما الموضعان:

فأحدهما: في قوله تعالى ﴿يا أهْلَ الكِتابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ ولا تَقُولُوا عَلى اللَّهِ إلَّا الحَقَّ إنَّما المَسِيحُ عِيسى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وكَلِمَتُهُ ألْقاها إلى مَرْيَمَ ورُوحٌ مِنهُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ ورُسُلِهِ ولا تَقُولُوا ثَلاثَةٌ انْتَهُوا خَيْرًا لَكُمْ إنَّما اللَّهُ إلَهٌ واحِدٌ سُبْحانَهُ أنْ يَكُونَ لَهُ ولَدٌ لَهُ ما فِي السَّماواتِ وما فِي الأرْضِ وكَفى بِاللَّهِ وكِيلًا﴾ [النساء].

وللوضع الثاني: قوله تعالى: ﴿قُلْ يا أهْلَ الكِتابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الحَقِّ ولا تَتَّبِعُوا أهْواءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ وأضَلُّوا كَثِيرًا وضَلُّوا عَنْ سَواءِ السَّبِيلِ﴾ [المائدة].

قال ابن جرير الطري:

"يعني جل ثناؤه بقوله ﴿يا أهْلَ الكِتابِ﴾: يا أهل الإنجيل من النصارى ﴿لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ﴾ يقول: "لا تتجاوزوا الحق في دينكم فتفرطوا فيه، ولا تقولوا في عيسى غير الحق فإن قيلكم في عيسى إنه ابن الله قول منكم على الله غير الحق، لأن الله لم يتخذ ولدًا، فيكون عيسى أو غيره من خلقه ابنا ﴿ولا تَقُولُوا عَلى اللَّهِ إلَّا الحَقَّ﴾.

<<  <   >  >>