للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأصل الغلو في كل شيء: مجاوزة حدِّه الذي حده، ويقال منه في الدين قد غلا فهو يغلو غلوا" (١).

وقال في تفسير آية المائدة: وهذا خطاب من الله تعالى ذكره، لنبيِّه محمد ، يقول تعالى ذكره: قل يا محمد لهؤلاء الغالية من النصارى في المسيح ﴿يا أهْلَ الكِتابِ﴾ يعني بالكتاب الإنجيل ﴿لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ﴾ يقول لا تفرطوا في القول فيما تدينون به في أمر المسيح، فتجاوزوا فيه الحق إلى الباطل فتقولوا فيه: هو الله أو هو ابنه، ولكن قولوا: هو عبد الله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه ﴿ولا تَتَّبِعُوا أهْواءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ وأضَلُّوا كَثِيرًا﴾ يقول لا تتبعوا أيضا في المسيح أهواء اليهود الذين قد ضلوا قبلكم عن سبيل الهدى في القول فيه كما قالوا وتبهتوا أمه كما يبهتونها بالفرية … " (٢).

وقال ابن كثير في تفسيره للآية الواردة في سورة النساء:

"ينهي تعالى أهل الكتاب عن الغلو والإطراء وهذا كثير في النصارى فإنهم تجاوزوا الحد في عيسى حتى رفعوه فوق المنزلة التي أعطاه الله إياها فنقلوه من حيز النبوة إلى أن اتخذوه إلها من دون الله يعبدونه كما يعبدونه، بل قد غلوا في أتباعه وأشياعه ممن زعم أنه على دينه فادعوا فيهم العصمة واتبعوهم في كل ما قالوه سواء كان حقا أو باطلا، أو ضلالا أو رشادا، أو صحيحا أو كذبا ولهذا قال الله تعالى ﴿اتَّخَذُوا أحْبارَهُمْ ورُهْبانَهُمْ أرْبابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ﴾ [التوبة: ٣١] (٣).

وقال عند تفسير آية سورة المائدة: أي لا تتجاوزوا الحد في إتباع الحق ولا تطروا من أمرتم بتعظيمه فتبالغوا فيه حتى تخرجوه عن حيز النبوة إلى مقام الإلهية كما صنعتم في المسيح وهو نبي من


(١) تفسير الطبري (٦/ ٣٤).
(٢) تفسير الطبري (٦/ ٣١٦).
(٣) تفسير ابن كثير (١/ ٥٨٩).

<<  <   >  >>