للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال بعض المفسرين: هي لغة كانت في الأنصار، نهوا عن قولها تعظيمًا للنبي وتبجيلا له، لأن معناها ارعنا نرعك، فنهوا عن قولها، إذ مقتضاها كأنهم لا يرعونه إلا برعايته لهم، بل حقه أن يرعى على كل حال.

وقيل: كانت اليهود تعرض بها للنبي بالرعونة (١) فنهي المسلمون عن قولها قطعًا للذريعة، ومنعا للتشبه بهم في قولها لمشاركة اللفظة وقيل غير هذا (٢).

٨ - وقال تعالى: ﴿وما كانَ لَكُمْ أنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ ولا أنْ تَنْكِحُوا أزْواجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أبَدًا إنَّ ذَلِكُمْ كانَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمًا﴾ [الأحزاب].

ففي هذه الآية حرَّم الله على الأمة أن تنكح أزواجه من بعده لأن ذلك يؤذيه وجعله عظيما عند الله تعظيما لحرمته ، فحرم تعالى على الأمة ما هو مباح أن يعامل به بعضهم بعضا، وذلك تمييزا لنبيه وتعظيما لشأنه. وقد ذكر أن هذه الآية نزلت لما قال بعض الناس: لو قد توفي رسول الله تزوجت عائشة (٣).

ولو أن أحدا أقدم على هذا الأمر فنكح أزواجه أو سراريه لكانت عقوبته في الشرع هي القتل جزاء له بما انتهك من حرمته والدليل على ذلك ما رواه مسلم بسنده عن أنسى بن مالك "أن رجلا كان يتهم بأم ولد رسول الله ، فقال رسول الله لعلي اذهب فاضرب عنقه فأتاه علي فإذا هو في ركي (٤) يتبرَّد فيها، فقال له علي أخرج فناوله يده فأخرجه فإذا هو مجبوب ليس له ذكر فكف علي عنه، ثم أتى


(١) الخفة والحماقة.
(٢) الشفا (٢/ ٥٩١).
(٣) الصارم المسلول (ص ٥٩).
(٤) الركي: جنس للركية، وهي البئر، وجمعها ركايا. النهاية (٢/ ٢٦١)

<<  <   >  >>