للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يعظمه أصحابه ما يعظم أصحاب محمد محمدا، والله إن انتخم نخامة إلا وقعت فيكف رجل منهم فدلك بها وجهه وجلده، وإذا أمرهم ابتدروا أمره، وإذا توضأ كادوا يقتتلون على وضوئه، وإذا تكلموا خفضوا أصواتهم عنده وما يحدون إليه النظر تعظيما له … " (١)

فهذه صورة لما كان عليه حال الصحابة وما كان من شأنهم في تعظيم النبي وتوقيره ومراعاة أموره والتبرك بآثاره.

ولما نزل قوله تعالى: ﴿يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أصْواتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ ولا تَجْهَرُوا لَهُ بِالقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أنْ تَحْبَطَ أعْمالُكُمْ وأنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ﴾ [الحجرات].

ما كان عمر بن الخطاب يسمع رسول الله حتى يستفهمه (٢) وقال البيهقي: إن هذه الآية "نزلت في ثابت بن قيس بن شماس الأنصاري كان إذا جالس النبي يرفع صوته إذا تكلم، فلما نزلت هذه الآية انطلق مهموما حزينا فمكث في بيته أياما مخافة أن يكون قد حبط عمله.

وكان سعد بن عبادة (٣) جاره، فانطلق حتى أتى النبي فأخبره بذلك فقال له النبي "اذهب فأخبر ثابت بن قيس أنك لم تُعْنَ بهذه الآية ولست من أهل النار بل أنت من أهل الجنة فاخرج إلينا فتعاهدنا" ففرح ثابت بذلك ثم أتى النبي فلما أبصره النبي قال: "مرحبا


(١) أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الشروط، باب الشروط في الجهاد، والمصالحة مع أهل الحرب، وكتابة الشروط. انظر: فتح الباري (٥/ ٣٢٩، ٣٣١)
(٢) أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب التفسير، باب "لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي برقم (٤٨٤٥).
(٣) سعد بن عبادة الأنصاري، شهد الخزرج، شهد العقبة، وكان أحد النقباء، وكان مشهورا بالجود وكان معه راية الأنصار، توفي سنة خمسة عشرة وقيل سنة ست عشرة من الهجرة بالشام. الإصابة (٢/ ٢٧ - ٢٨).

<<  <   >  >>