للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فقد حثَّهم الله على ذلك بقوله ﴿ما كانَ لأهْلِ المَدِينَةِ ومَن حَوْلَهُمْ مِنَ الأعْرابِ أنْ يَتَخَلَّفُوا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ولا يَرْغَبُوا بِأنْفُسِهِمْ عَنْ نَفْسِهِ﴾ [التوبة: ١٢٠].

كما أنهم يعادون من يحارب الله ورسوله مهما كانت صلتهم وثيقة به حتى وإن كانوا آباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم، ومواقفهم في ذلك كثيرة ومشتهرة.

وقد تقدم ذكر موقف أم حبيبة مع أبيها أبو سفيان وموقف عبد الله بن عبد الله بن أبي بن سلول مع أبيه عبد الله بن أبي.

وبالجملة فإن مجتمع الصحابة كان مجتمع الأمة المثالية التي تمثلت حقيقة واقعة في فترة من فترات التاريخ، ولقد كان الصحابة قبل الإسلام يعيشون في مجتمع اشتهر بغلظته وقساوة طبعه وبعده عن كثير من الآداب والسلوكيات فمن الله عليهم بالإسلام وهداهم له، واختارهم لصحبة نبيه ، فتوالت توجيهات القرآن الكريم والتربية النبوية الحكيمة عليهم، فهذبت وشذبت ووجهت ودفعت حتى ظهر ذلك المجتمع الذي له أدبه مع الله وأدبه مع رسوله ، وأدبه مع نفسه، وأدبه مع غيره أدبه، في هواجس ضميره، وفي حركات جوارحه، وفي الوقت ذاته له شرائعه المنظمة لأوضاعه، وله نظمه التي تكفل صيانته، وهي شرائع ونظم تقوم على ذلك الأدب، وتنبثق منه، وتتسق معه.

فما ظنك في مجتمع اختاره الله لصحبة نبيه وتولاه بعنايته ورعايته، وتعاهدهم رسوله بتوجيهاته ونصائحه وإرشاداته حتى سما وعلا وبلغ تلك الدرجة الرفيعة عند الله وعند رسوله .

* * *

<<  <   >  >>