للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والاحترام فقد قال تعالى: ﴿النَّبِيُّ أوْلى بِالمُؤْمِنِينَ مِنْ أنْفُسِهِمْ وأزْواجُهُ أُمَّهاتُهُمْ﴾ [الحجرات: ٦].

قال القرطبي عند تفسيره لهذه الآية: "شرَّف الله تعالى أزواج نبيه بأن جعلهن أمهات المؤمنين، أي في وجوب التعظيم والمبرة والإجلال وحرمة النكاح على الرجال، وحجبهن رضي الله تعالى عنهن، بخلاف الأمهات" (١).

وكيف لا تكون لهن هذه المنزلة وتلك المكانة وهن اللآتي اخترن الله ورسوله والدار الآخرة عندما نزلت آيتا التخيير قال تعالى: ﴿يا أيُّها النَّبِيُّ قُلْ لأزْواجِكَ إنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الحَياةَ الدُّنْيا وزِينَتَها فَتَعالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وأُسَرِّحْكُنَّ سَراحًا جَمِيلًا وإنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ ورَسُولَهُ والدّارَ الآخِرَةَ فَإنَّ اللَّهَ أعَدَّ لِلْمُحْسِناتِ مِنْكُنَّ أجْرًا عَظِيمًا﴾ [الحجرات].

وبعد اختيارهن رضي الله تعالى عنهن الله ورسوله والدار الآخرة كرمهن الله وكافأهن على اختيارهن أحسن تكريم وأعظم مكافأة. فكان لهن ما أعد الله لهن من الأجر العظيم، ثم ميزهن عن نساء العالمين في العذاب والأجر، ثم أبانهن منهن فقال: ﴿يا نِساءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأحَدٍ مِنَ النِّساءِ﴾ [الحجرات: ٣٢] يعني في الفضل والشرف، وذلك لما منحهن الله من صحبة نبيه وعظيم المحل منه ونزول القرآن في حقهن (٢).

ولقد تضمنت سورة الأحزاب كثيرا من الأمور التي أكرم الله بها أزواج النبي مجازاة لهن على حسن صنيعهن في اختيارهن لله ورسوله والدار الآخرة والمقام هنا لا يسمح بالتوسع في ذكر هذه الأمور، وإنما المقصود تبيين مالهن من مكانة عند الله وعند رسوله . فمن حقهن


(١) تفسير القرطبي (١٤/ ١٢٣).
(٢) تفسير القرطبي (١٤/ ١٧٧) بتصرف.

<<  <   >  >>