للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهو سبحانه مع هذا كله نهانا عن الشرك بهم والغلو فيهم، وميز بين حقه تعالى وحقهم.

فقال تعالى: ﴿ما كانَ لِبَشَرٍ أنْ يُؤْتِيَهُ اللَّهُ الكِتابَ والحُكْمَ والنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنّاسِ كُونُوا عِبادًا لِي مِنْ دُونِ اللَّهِ ولَكِنْ كُونُوا رَبّانِيِّينَ بِما كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الكِتابَ وبِما كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ ولا يَأْمُرَكُمْ أنْ تَتَّخِذُوا المَلائِكَةَ والنَّبِيِّينَ أرْبابًا أيَأْمُرُكُمْ بِالكُفْرِ بَعْدَ إذْ أنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾ [آل عمران].

فهذا بيانٌ أن اتخاذ الملائكة والنبيِّين أربابا كفر مع وجوب الإيمان بهم ما لم يحصل بعبادة الأوثان، فإن الأوثان تستحق الإهانة وأن تكسر كما كسر إبراهيم الأصنام وكما حرق موسى العجل ونسفه وكما كان نبينا يكسر الأصنام ويهدم صوتها وقد قال تعالى: ﴿إنَّكُمْ وما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أنْتُمْ لَها وارِدُونَ﴾ [الأنبياء] فإهانتها من تمام التوحيد والإيمان.

والملائكة والأنبياء بل الصالحون يستحقون المحبة والموالاة والتكريم والثناء. مع أنه يحرم الغلو فيهم والشرك بهم، فلهذا صار بعض الناس يزيد في التعظيم على ما يستحقونه فيصير شركا، وبعضهم يقصر عما يجب لهم من الحق فيصير فيه نوع من الكفر.

والصراط المستقيم صراط الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وهو القيام بما أمر الله به ورسله في هذا وهذا.

والله تعالى يميز حقه من حق غيره ففي الصحيحين عن معاذ بن جبل أن النبي قال له: "يا معاذ أتدرى ما حق الله على العباد؟ " قلت: الله ورسوله أعلم. قال: "أن يعبدوه ولا شركوا به شيئا، أتدرى يا معاذ ما حقهم عليه إذا فعلوا ذلك؟ " قلت: الله ورسوله أعلم. قال: "أن لا يعذبهم" (١). وقد قال تعالى: ﴿ويَوْمَ يُنادِيهِمْ فَيَقُولُ أيْنَ شُرَكائِيَ الَّذِينَ


(١) أخرجه البخاري في كتاب الرقاق، باب من جاهد نفسه في طاعة الله برقم (٦٥٠٠)، ومسلم في كتاب الإيمان، باب في لقي الله بالإيمان … برقم (٣٠).

<<  <   >  >>