للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

"لا أغني عنكم من الله شيئا" (١).

فعظم ذلك على المشركين بشيوخهم وآلهتهم، وأبوا ذلك كله، وادعوا لشيوخهم ومعبوديهم خلاف هذا كله، وزعموا أن من سلبهم ذلك فقد هضمهم مراتبهم وتنقصهم، وقد هضموا جانب الإلهية غاية الهضم وتنقصوه فلهم نصيب وافر من قوله تعالى ﴿وإذا ذُكِرَ اللَّهُ وحْدَهُ اشْمَأزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ وإذا ذُكِرَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ إذا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ﴾ [الزمر] (٢).

وقال أيضا في قصيدته النونية المسمَّاة بالكافية الشافية في الانتصار للفرقة الناجية:

يا من له عقل ونور قد غدا … يمشي به في الناس كل زمان

لكننا قلنا مقالة صارخٍ … في كل وقت بينكم بأذان

الرب رب والرسول فعبده … حقا وليس لنا إله ثان

فلذاك لم نعبده مثل عبادة الرحـ … ـمن فعل المشرك النصراني

كلا ولم نغلُ الغلو كما نهى … عنه الرسول مخافة الكفران

لله حق لا يكون لغيره … ولعبده حق هما حقان

لا تجعلوا الحقين حقا واحدا … من غير تمييز ولا فرقان

فالحج للرحمن دون رسوله … وكذا الصلاة وذبح ذي القربان

وكذا السجود ونذرنا ويمينُنا … وكذا متَابُ العبد من عصيانِ


(١) أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الوصايا، باب هل يدخل النساء والولد في الأقارب. برقم (٢٧٥٣)، وأخرجه مسلم في صحيحه، كتاب الإيمان، باب في قوله تعالى ﴿وأنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأقْرَبِينَ﴾ (٢٠٤).
(٢) الروح لابن القيم (٢/ ٧٦٦، ٧٦٧).

<<  <   >  >>