للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

في حياته قد تعذر بموته، بخلاف التوسل الذي هو الإيمان به والطاعة له فإنه مشروع دائمًا.

وأما المعنى الثالث الذي لم ترد به سنة فهو: التوسل به بمعنى الإقسام على الله بذاته والسؤال بذاته فهذا هو الذي لم يكن الصحابة يفعلونه في الاستسقاء ونحوه لا في حياته ولا بعد مماته، لا عند قبره ولا غير قبره، ولا يعرف هذا في شيء من الأدعية المشهورة بينهم.

وإنما ينقل شيء من ذلك في أحاديث ضعيفة مرفوعة وموقوفة أو عمن ليس قول حجة (١).

وليس في الأحاديث المرفوعة في ذلك حديث في شيء من دواوين المسلمين التي يعتمد عليها في الأحاديث - لا في الصحيحين ولا كتب السنن ولا المسانيد المعتمدة كمسند الإمام أحمد وغيره - وإنما يوجد في الكتب التى عرف أن فيها كثيرا من الأحاديث الموضوعة المكذوبة التي يختلقها الكذابون (٢).

والأحاديث التي تروى في هذا الباب - وهو السؤال بنفس المخلوقين - هي من الأحاديث الضعيفة الواهية بل الموضوعة ولا يوجد في أئمة الإسلام من احتج بها ولا اعتمد عليها (٣).

وقد ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية في كتابه قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة (٤) عددا من الأحاديث والآثار التي استدل بها من أجاز التوسل بالذوات وبين ضعف حججهم وقال: "ليس في هذا الباب حديث واحد مرفوع إلى النبي يعتمد عليه في مسألة شرعية، باتفاق أهل المعرفة


(١) قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة (ص ٧٩، ٨٠) بتصرف يسير.
(٢) قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة (ص ١٦٠).
(٣) قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة (١٦٤).
(٤) انظر (ص ١٦٤ إلى ٢٣٠).

<<  <   >  >>