للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وابْتَغُوا إلَيْهِ الوَسِيلَةَ﴾ [المائدة: ٣٥] فالوسيلة هي الأعمال الصالحة.

أما سؤال الله بمجرد ذات النبي فغير مشروع، لأننا إذا توسلنا إلى الله بنفس ذاته لم يكن في نفس ذاته سبب يقتضى إجابة دعائنا ولهذا لم يكن هذا منقولا عن النبي نقلا صحيحًا ولا متواترًا ولا مشهورًا عن السلف. فنحن إنما ننتفع باتباعنا له ومحبتنا له، وهو له عند الله من الدرجة والمنزلة أمر يعود نفعه إليه، فالتوسل به من غير متابعة له في الأعمال لا يجوز أن يكون وسيلة (١).

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "ولا يتوسل إلى الله بمجرد ذات أحد من خلقه من غير دعاء من المتوسل به ولا طاعة من المتوسل".

والداعي إنما ينتفع من وجهين:

إما بدعاء الرسول له، أو بإيمان الداعي به وطاعته ومحبته.

فإذا كان الرسول لم يدع له، وهو لم يؤمن به، لم ينتفع بالرسول . فأبو طالب مع كفره لمَّا كان يحوط الرسول ويمنعه شفع فيه حتى خفف عنه العذاب، وقد كان في غمرة من النار، فلما شفع فيه صار في ضحضاح من النار، وفي رجليه نعلان من النار يغلي منهما دماغه، ولولاه لكان في الدرك الأسفل من النار هكذا رواه مسلم في صحيحه (٢) فانتفع به مع كفره في تخفيفه عذابه بأن شفع فيه.

والإيمان به نافع لمن آمن وإن لم تحصل معه شفاعة.

فهذان السببان هما اللذان ينفعان العبد من سيد الخلق .

وأما مجرد توسل العبد بذاته أو إقسامه به بدون هذين السببين


(١) الرد على البكري (ص ٤٠) بتصرف.
(٢) صحيح مسلم، كتاب الإيمان، باب شفاعة النبي لأبي طالب والتخفيف عنه بسببه (٢٠٩).

<<  <   >  >>