وقال تعالى: ﴿اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أوْلِياءَ ما نَعْبُدُهُمْ إلَّا لِيُقَرِّبُونا إلى اللَّهِ زُلْفى﴾ [الزمر: ٣].
فقد نفي الله هذه الشفاعة ونزه نفسه عنها، ونفي أن يكون للخلق من دونه من ولى أو شفيع كما قال تعالى ﴿أمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ شُفَعاءَ قُلْ أوَلَوْ كانُوا لا يَمْلِكُونَ شَيْئًا ولا يَعْقِلُونَ قُلْ لِلَّهِ الشَّفاعَةُ جَمِيعًا لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ والأرْضِ ثُمَّ إلَيْهِ تُرْجَعُونَ﴾ [الزمر].
وقال تعالى في سورة السجدة: ﴿اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ والأرْضَ وما بَيْنَهُما فِي سِتَّةِ أيّامٍ ثُمَّ اسْتَوى عَلى العَرْشِ ما لَكُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ ولِيٍّ ولا شَفِيعٍ أفَلا تَتَذَكَّرُونَ﴾.
وهذه الشفاعة المنفية هي الشفاعة المعروفة عند الناس عند الإطلاق وهي أن يشفع الشفيع إلى غيره ابتداء فيقبل شفاعته" (١).
وأصحاب هذه الشفاعة المنفية جعلوا وسائط بين الله وبين خلقه - كالحجاب الذي بين الملك ورعيته - بحيث يكون أولئك الوسائط هم الذين يرفعون إلى الله حوائج خلقه، فهم يعتقدون أن الله إنما يهدي عباده ويرزقهم بتوسطهم، فالخلق يسألونهم وهم يسألون الله كما أن الوسائط عند الملوك: يسألون الملوك حوائج الناس، لقربهم منهم، والناس يسألونهم أدبًا منهم أن يباشروا سؤال الملك أو لأن طلبه من الوسائط أنفع لهم من طلبهم من الملك لكونهم أقرب إلى الملك من الطالب للحوائج.
فمن أثبتهم وسائط على هذا الوجه: فهو مشرك، يجب أن يستتاب فإن تاب وإلا قتل.