للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أما الشفاعة الأخروية: فقد أجمع المسلمون على أن النبي يشفع للخلق يوم القيامة بعد أن يسأله الناس ذلك، وبعد أن يأذن الله له في الشفاعة.

ثم إن أهل السنة والجماعة متفقون على ما اتفق عليه الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين، واستفاضت به السنن من أنه يشفع لأهل الكبائر من أمته ويشفع لعموم الخلق.

فله شفاعات يختص بها لا يشركه فيها أحد، وشفاعات فيها وغيره من الأنبياء والصالحين سواء، ولكن ما له فيها أفضل مما لغيره، فإنه أفضل الخلق وأكرمهم على ربه ﷿، وله من الفضائل التي ميزه الله بها على سائر النبيين ومن ذلك المقام المحمود الذي يغبطه به الأولون والآخرون، وأحاديث الشفاعة كثيرة متواترة منها في الصحيح أحاديث متعددة، وفي السنن والمسانيد مما يكثر عدده.

أما الشفاعة الدنيوية (التي كانت في حياته)، فقد أجمع أهل العلم على أن الصحابة كانوا يستشفعون به ويتوسلون به في حياته بحضرته. كما ثبت في أحاديث الاستسقاء، وهذا الاستشفاع هو طلب للدعاء منه، فإنه كان يدعو للمستشفع والناس يدعون معه، كما جاء في الحديث الثابت في الاستسقاء أن المسلمين لما أجدبوا على عهد النبي دخل عليه أعرابي فقال: يا رسول الله هلكت الأموال، وانقطعت السبل، فادع الله يغيثنا.

فرفع النبي يديه وقال: "اللهم أغثنا اللهم أغثنا اللهم أغثنا" (١).

فهذا يبين أن معنى الاستشفاع بالنبي هو استشفاع بدعائه وشفاعته. وهذا ما فهمه الصحابة وعملوا به بعد وفاة النبي فعمر بن الخطاب استسقى بالعباس بن عبد المطلب وقال "اللهم إنا كنا إذا


(١) تقدم تخريجه ص ٣١٣.

<<  <   >  >>