للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أن يطلب الإغاثة من الرسول نفسه لاعتقاده أن له تصرفًا في هذه الأمور وقدرة على تحصيلها وهذا هو اعتقاد كثير من العوام وهو ما يدل عليه استعمال الكلمة في لغة العرب.

وإما أن يكون مراده بهذه العبارة الطلب من الله بواسطة الرسول أي أنه متوسل به إلى الله تعالى وهذا المعني يأباه استعمال العرب لهذه اللفظة.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "ومن ظن أن الباب في التوسل كالباب في الاستغاثة فقد أخطأ فالمستغاث به هو المسئول.

وأما المتوسل به فهو الذي يتسبب به إلى المسؤول (١).

"والفرق واضح بين السؤال بالشخص والاسغاثة به.

وأريد أن أُعرف من أين دخل اللبس على هؤلاء الجهال، فإن معرفة المرض وسببه يعين على مداواته وعلاجه، ومن لم يعرف أسباب المقالات وإن كانت باطلة، لم يتمكن من مداواة أصحابها، وإزالة شبهاتهم، فوقع لي أن سبب هذا الضلال والاشتباه عليهم أنهم عرفوا أين يقال سألت الله بكذا كما في الحديث "اللهم إني أسألك بأن لك الحمد لا إله إلا أنت المنان" (٢).

ورأى أن الاستغاثة تتعدى بنفسها كما يتعد السؤال كقوله ﴿إذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ﴾ [الأنفال: ٩].

وقوله ﴿فاسْتَغاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ﴾ [القصص: ١٥].

فظنوا أن قول القائل استغثت بفلان كقوله، سألت بفلان.


(١) الرد على البكري (٢٦١، ٢٦٢).
(٢) أخرجه النسائي في سننه، كتاب السهو، باب الدعاء بعد الذكر (٣/ ٥٢).

<<  <   >  >>