للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كانت لك حاجة فاستغث بي، أو قال: استغث عند قبري، ونحو ذلك فإن هذا قد وقع فيه كثير من المتأخرين وأتباعهم.

وكثير من هؤلاء إذا استغاث بالشيخ رأى صورته، وربما قضى بعض حاجته فيظن أنه الشيخ نفسه، أو أنه ملك تصور على صورته، وأن هذا من كراماته فيزداد به شركا وفيه مغالاة، ولا يعلم أنا هذا من جنس ما تفعله الشياطين بعباد الأوثان، حيث تتراءى أحيانا لمن تعبدها وتخاطبهم ببعض الأمور الغائبة وتقضي لهم بعض الطلبات.

لكن هذه الأمور كلها محدثة في الإسلام بعد القرون الثلاثة المفضلة، وكذلك المساجد المبنية على القبور التي تسمى المشاهد محدثة في الإسلام والسفر إليها محدث في الإسلام لم يكن شيء من ذلك في القرون الثلاثة المفضلة، بل ثبت في الصحيح عنه قال: "لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد" يحذر ما فعالوا قالت عائشة : "لولا ذلك لأبرز قبره ولكن كره أن يتخذ مسجدًا" (١).

وثبت في الصحيح عنه أنه قال قبل أن يموت بخمس "إن من كان قبلكم كانوا يتخذون القبور مساجد ألا فلا تتخذوا القبور مساجد، فإني أنهاكم عن ذلك" (٢). ولما أجدبوا في خلافة عمر استسقى عمر بالعباس وقال: "اللهم إنا كنا إذا أجدبنا نتوسل إليك نبينا، وإنا نتوسل إليك بعم نبينا فاسقنا" (٣).

فلم يذهبوا إلى القبور، ولا توسلوا بميت ولا غائب، بل توسلوا


(١) أخرجه البخاري في كتاب الجنائز، باب ما يكره من اتخاذ المساجد على القبور برقم (١٣٣٠)، ومسلم في كتاب المساجد، باب النهي عن بناء المساجد على القبور … برقم (٥٢٩).
(٢) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور … برقم (٥٣٢).
(٣) تقدم تخريجه (ص ٣١٣).

<<  <   >  >>