للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والرغبة إليه وطاعته فيما أمر به من الإحسان والخير الذي ينتفع به هو وهم وغيره من المخلوقين، فإن العبد كلما عمل بما أمرت به الرسل كان لهم مثل أجره وحصل له هو من الخير من إجابة دعائه ونفعه وغير ذلك.

فمن عدل عن هذه الرحمة والخير وسعادة الدنيا والآخرة إلى أن يفعل ما لم تأمر به الرسل بل اتخذهم أربابًا يسألهم ويستغيث بهم في مماتهم ومغيبهم وغير ذلك كان مثله مثل النصارى فإن المسيح قال لهم: ﴿اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي ورَبَّكُمْ﴾ [المائدة: ٧٢] وقال ﴿إنِّي رَسُولُ اللَّهِ إلَيْكُمْ مُصَدِّقًا لِما بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْراةِ﴾ [الصف: ٦].

فلو امتثلوا أمره كانوا مطعين لرسل الله موحِّدين لله، ونالوا بذلك السعادة من الله تعالى في الدنيا والآخرة.

ولكنهم غلوا فيه واتخذوه وأمه إلهين من دون الله، يستغيثون بهم، وكذبوا بالرسول الذي بشر به، وحرفوا التوراة التي صدق بها، فظنوا في ذلك أنهم معظمون للمسيح، وكان هذا من جهلهم وضلالهم" (١).

فخلاصة القول: إن دعاء النبي بعد موته وسؤاله والاستغاثة به وغير ذلك مما يفعل عند قبره أو بعيدًا عنه هو من الدين الذي لم يشرعه الله في كتابه أو على لسان رسوله ولا فعله أحد من الصحابة والتابعين لهم بإحسان ولا أمر به إمام من أئمة المسلمين (٢).

وأما ما يحتج به أهل البدع الذين يفعلون مثل هذه الأمور ويدعون الناس إليها فشبههم لا تخرج عن أحد الأمور التالية:

١ - إما آيات وأحاديث صحيحة يتأولونها ويتعسفون في تفسيرها حتى توافق ما جاءوا به من الباطل مع أنه ليس فيهات دلالة على ما يزعمون ويدعون.


(١) الرد على البكري (ص ١٠٣).
(٢) مجموع الفتاوى (١١/ ١٥٩) بتصرف.

<<  <   >  >>