للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وما أحسن أن يستشهد المرء هنا بقول الإمام مالك رحمه الله تعالى: "من ابتدع في الإسلام بدعة يراها حسنة فقد زعم أن محمدًا خان الرسالة، لأن الله يقول ﴿اليَوْمَ أكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ﴾ [المائدة: ٣] فما لم يكن يومئذ دينًا، فلا يكون اليوم دينًا" (١).

وقال أيضا: "قُبض رسول الله وقد تم هذا الأمر واستكمل فإنما ينبغي أن نتبع آثار رسول الله ولا نتبع الرأي" (٢).

هذا وإن أصل الاحتفال بالمولد يرجع إلى العُبيدين (٣) الذين يتسمون (بالفاطميين) فهم أول من أحدث هذه البدعة في الأمة وما كانت الموالد تعرف في دولة سلام قبل هؤلاء.

فقد جاء في كتاب "الخطط" المسمى كتاب "المواعظ والاعتبار والآثار" تحت عنوان (ذكر الأيام التي كان الخلفاء الفاطميون يتخذونها أعيادًا ومواسم … ).

قال: "كان للخلفاء في طول السنة أعيادًا ومواسم:

رأس السنة، وموسم أول العام، ويوم عاشوراء، ومولد النبي " (٤).

فكانت الموالد من الآثار التي خلفها هؤلاء العبيديون الباطنيون مع غيرها من البدع والمنكرات التي ما أنزل الله بها من سلطان.

قد حمل راية هذه البدعة من بعدهم المتصوفة، الذين وجدوا في


(١) أخرجه الشاطبي في الاعتصام (١/ ٤٩).
(٢) أخرجه الشاطبي في الاعتصام (١/ ١٠٥).
(٣) العبيديون: هم أبناء عبيد الله بن ميمون بن ديصان المشهور بالقداح اليهودي قامت دولتهم في مصر (٣٦٢ - ٥٦٤ هـ) وكانوا من أجرأ الناس على استحداث البدع والمنكر لا كتاب ولا سنة. انظر كتاب قصة نسب الفاطميين للدكتور عبد الحليم عويس، والبداية والنهاية لابن كثير (١٢/ ٢٦٧).
(٤) المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والآثار (١/ ٤٩٠).

<<  <   >  >>